للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَعَدَت بنو بكر على خزاعة، فأعانهم قريش عليهم بالسلاح، ونقضوا العهد بعد سنتين، وكان ذلك سبب غزوة النبي صلى الله عليه وسلم لهم غزوة الفتح، ولم يمكثوا إلا سنتين؛ لأن صلح الحديبية وقع من ذي القعدة عام ست، وغزو النبي صلى الله عليه وسلم لهم في فتح مكة وقع في رمضان عام ثمان، وهذا كله لا خلاف فيه بين العلماء والمؤرخين، فأقاموا سنتين، ونقضوا العهود، إلا أن هذا الصلح كان فتحاً عظيماً على المسلمين؛ لأن الصحابة انتشروا في قبائلهم، ووجدت الدعوة إلى الله طريقها، فاتصل المسلم بالكافر يدعوه إلى الإسلام، فكثر الإسلام في أقطار الجزيرة العربية، ومما يوضح هذا أن أهل بيعة الرضوان التي وقعت في صلح الحديبية، الذين بايعوه تحت شجرة الحديبية -لأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر بعض أصحاب المغازي والمؤرخين أنه أراد أن يرسل بالهدايا إلى مكة-، وقال لعمر بن الخطاب (رضي الله عنه): «اذْهَبْ بِهَا إِلَى مَكَّةَ».

فقال له عمر: إن بني عدي بن كعب -يعني قبيلة عمر من قريش- لا يستطيعون أن يحموني من قريش، ولكني أدّلك على رجل عزيز في مكة لا يقدر أحد أن يتجرأ عليه، وهو عثمان بن عفان (رضي الله عنه)، وهو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف. فأرسل عثمان بالهدايا لينحرها بالحرم، فتلقى له بنو عمه من بني سعيد بن العاص، وقالوا له (١):

أَقبِلْ وأدبِرْ ولا تَخَفْ أحداً ... بَنُو سَعِيدٍ أَعِزَّةَ الحَرَمِ

وجاء، وقالوا له: إن شئت طُف بالبيت. فقال: والله لا أطوف


(١) مضى عند تفسير الآية (١٥٩) من سورة الأنعام.

<<  <  ج: ص:  >  >>