للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعقب عليه زميلنا أبو سمحة: " من خلال الأمثلة المتقدمة نلاحظ أن ما قاله اليماني خالي من الدقة، ذلك إن من قيل فيهم "روى المناكير" كانت عهدة النكارة عليهم وضعفهم الأمة، ثم إن في الأمر بعض الخطورة، في عدم اعتبار مثل هذا جرحا، وفرق بين اعتباره جرحا وبين ترك كل رواية الراوي، فهذا الإطلاق يدخل جماعة من الضعفاء في عداد الثقات ثم إن عادة المحدثين أن ينصّوا على عهدة النكارة أن كانت من غير الراوي الذي وردت المناكير في ترجمته " (١).

وقد قام زميلنا الشيخ عبد السلام أحمد أبو سمحة بدراسة هذه المصطلحات وقسمها تقسيما جيدا، مبنيا على قواعد استقرائية، أغنتني عن الإعادة، وهي على نحو آتي:

١ - الألفاظ المصرحة بلفظ النكارة، الدالة على عدم غلبة المناكير على حديث الراوي، وهي كقولهم: " تعرف وتنكر، روى مناكير، في حديثه مناكير، له ما ينكر، حدث بمناكير، يحدث بمناكير، يروي المناكير عن المشاهير، في حديثه بعض النكارة، حديثه عن فلان منكرا، يأتي بالمناكير عن فلان ".

٢ - الألفاظ المصرحة بلفظ النكارة، الدالة على غلبة المناكير على حديث الراوي، كقولهم:"منكر الحديث، حديثه منكر، أحاديثه مناكير، عامة حديثه مناكير، صاحب مناكير ".

٣ - الألفاظ غير المصرحة بلفظ النكارة، الدالة على وقوع المناكير في حديث الراوي بقرينة الألفاظ، كقولهم: " لا يتابع، حديثه لايشبه أحاديث الثقات، أحاديثه غير محفوظة، الألفاظ التي تنص على مخالفة الراوي، أو على التفرد والغرابة " (٢).

قلت: وهذا التقسيم وأن كان جيدا، وهو محاولة للتوفيق بين التعارض في الأقوال، إلا أنه مبني على دراسة نماذج، وإطلاق الحكم في مثل هذه يحتاج إلي استقراء تام، أو قريب من التام، ولبيانه أقول: قد مثل زميلنا لكل إطلاق بمثال، أو أكثر، ثم صدر الحكم على أساسها، ولما كانت هذه الأمثلة غير استقصائية كانت منقوضة بأمثلة أخرى؟

فمثلا: أورد في الألفاظ المصرحة بلفظ النكارة، الدالة على عدم غلبة المناكير على حديث الراوي، وهي كقولهم: " تعرف وتنكر، روى مناكير ... ."، فعدّ قولهم: " روى مناكير "، من الألفاظ التي لا تدل على غلبة النكارة في حديث المحدث، ومثل لها بمثال: "


(١) الحديث المنكر ص ١٢١.
(٢) الحديث المنكر ص ١١٨ - ١٤٧.

<<  <   >  >>