(٢) في المخطوط "بن" بدل "عن"، والتصويب من مصادر التخريج. (٣) أبو يحيى الصدفي، كان على بيت المال بالريّ، دمشقيّ، ويقال: مصريّ، يكنى أبا روح.
قال ابن معين: "مصري هالك ليس بشيء"، وقال ابن المديني والنسائي والدارقطني: "ضعيف". وقال النسائي مرة: "متروك الحديث"، وقال الجوزجاني: "واهي الحديث"، وقال ابن حبان: "منكر الحديث جداً، كان يشتري الكتب ويحدث بها، ثم تغير حفظه فكان يحدث بالوهم". تاريخ ابن معين (ص١١٢ -الدارمي) ، والتاريخ الأوسط (٢/١٦٧) ، والضعفاء والمتروكين للنسائي (ص٩٦) ، والضعفاء للعقيلي (٤/١٨٢) ، وأحوال الرجال للجوزجاني (ص١٦٧-١٦٨) ، والمجروحين (٣/٤) ، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (١/١٢٨) . (٤) في إسناده محمد بن عبد الرحمن وهو ثقة يغرب، وربما أخطأ، وقد تفرد برواية هذا الحديث عن عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ مَالِكٍ، كما يأتي. أخرجه أبو يعلى (٦/٢٦٩) ، ومن طريقه الطبراني في "المعجم الأوسط" (٢/٢١٠) عن محمد بن عبد الرحمن بن سهم الأنطاكي به، وليس عند أبي يعلى ذكر مالك. وأخرجه أبو بكر الإسماعيلي في "معجم شيوخه" (٢/٦١٧) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" (٨/٤) عن الحسين بن أحمد الآمدي المالكي، أبي علي البغدادي، عن محمد بن سهم عن عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ مَالِكٍ عن الزهري به. قال الطبراني: "لم يروِ هذا الحديث عن مالك إلا عيسى بن يونس، تَفَرَّدَ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرحمن"، وكذا قال أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٦/٣٤٦) . قلت: ويحتمل أن يكون الوهم ممن دونه، فإن ممن روى عنه هذا الإسناد الوليد بن حماد الرملي، تقدم أن الذهبي قال فيه: "وله أسوة غيره في رواية الواهيات". وقال أبو يعلى الخليلي في "الإرشاد" (١/٤٠٧-٤٠٨) بعد أن روى الحديث من طريق معاوية بن يحيى الصدفي -كما سيأتي-: "فأخذه الوليد بن حماد الرمليّ وأحمد بن أبي موسى الأنطاكي فروياه عن ابن سهم وجعلا مالك بن أنس بدل مُعَاوِيَةَ بْنِ يَحْيَى عَنِ الزُّهْرِيِّ، وهما ضعيفان، والثقات مثل أبي يعلى الموصلي والبغوي وإبراهيم الحربي رووه على الصواب". اهـ. قلت: أما رواية أبي يعلى فأخرجها في "مسنده" (٦/٢٦٩) . - ... ورواية البغوي عند أبي يعلى الخليلي في "الإرشاد" (١/٤٠٧-٤٠٨) . - ... ورواية إبراهيم الحربي لم أقف عليها. فهؤلاء رووا عن محمد بن عبد الرحمن بن سهم، عن عيسى بن يونس، عن معاوية بن يحيى الصدفي عن الزهري عن أنس به. فرواية هؤلاء هي المحفوظة، وأما ذكر مالك في هذا الإسناد فخطأ، وسيأتي ذكر المحفوظ من حديث مالك وبيان الاختلاف عليه إن شاء الله تعالى.
وقد وافق محمدَ بن عبد الرحمن على هذا الإسناد ـ أي من غير ذكر مالك ـ كلٌّ من: - ... إسماعيل بن عبد الله الرقّيّ، وهو ثقة. أخرج روايته ابن ماجه (٢/١٣٩٩ح٤١٨١) كتاب الزهد، باب الحياء عنه عن عيسى بن يونس بِهِ. - ... مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن عمّار الموصلي. أخرج روايته الخطيب في "تاريخ بغداد" (٧/٢٣٩) ، والقضاعي في "مسند الشهاب" (٢/١٢٢) عن عيسى بن يونس به. - ... نعيم بن حمّاد. أخرج روايته ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (٢/٧٠٩) من طريق الدارقطني قال: "روى نعيم بن حماد عن عيسى ابن يونس"، فذكره. - ... هشام بن عمّار. أخرج روايته البيهقي في "شعب الإيمان" (٦/١٣٦) عن عيسى بن يونس به. فرواية هؤلاء هي المحفوظة، وأن عيسى بن يونس إنما روى هذا الحديث عن معاوية بن يحيى الصدفي، وروايته عن مالك غريبة تفرد بها محمد بن عبد الرحمن بن سهم الأنطاكي دون سائر الرواة عنه، كما نص على ذلك الطبراني في "المعجم الأوسط" (٢/٢١٠) ، والدارقطني كما نقل عنه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (٢/٧٠٩) ، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (٦/٣٤٦) ، وتقدم عن أبي يعلى أنه جعل الحمل على من دون محمد بن عبد الرحمن. وعلى كل حال فإن الإسناد معلول من أجل معاوية بن يحيى الصدفي؛ فإنه متفق على تضعيفه. قال ابن الجوزي بعد إخراجه هذا الحديث من هذا الطريق: "هذا حديث لايصحّ". وقال الدارقطني: "وقد روي عن مالك عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مالك، والحديث غير ثابت". وقال البخاري: "وروى عيسى بن يونس وإسحاق بن سليمان ـ أي عن معاوية بن يحيى ـ أحاديث مناكير كأنها من حفظه". قلت: وهذا من رواية عيسى بن يونس عنه. وهناك اختلاف آخر على معاوية بن يحيى حيث روى بقية بن الوليد وأبو عتبة الحسن بن علي بن مسلم البرّاد الحمصي عنه عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عن الزهري عن أنس به. وهذا أيضاً معلول، ورواية عيسى بن يونس أولى بالصواب؛ لأنه أوثق منهما، وقد روى عنه جماعة، ولم يذكر أحدٌ منهم عمر بن عبد العزيز. أما حديث بقية فأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (٦/١٣٦) من طريق محمد بن وهب عنه به. قال البيهقي عقبه: "كذا روي عن بقية، عن معاوية بن يحيى، ورواه عيسى بن يونس عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ يَحْيَى عَنِ الزهري دون ذكر عمر بن عبد العزيز فيه". - ... وحديث أبي عتبة البرّاد أخرجه ابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق" (ص٤١) عنه به. ولكن أخرج البيهقي في "شعب الإيمان" (٦/١٣٦) ، والخطيب في "موضّح الأوهام" (٢/٣١١) من طريق علي ابن زهير عن علي بن عيّاش عن أبي مطيع الأطرابلسي عَنْ عَبَّادِ بْنِ كَثِيرٍ عَنِ عمر بن عبد العزيز عن الزهري عن أنس به. وإسناده ضعيف جداّ فيه: - عبّاد بن كثير الثقفي البصري، وهو متروك. قال الإمام أحمد: "روى أحاديث كذب". - وأبو مطيع الأطرابلسي، واسمه معاوية بن يحيى، أصله من دمشق أو حمص، قال الحافظ: صدوق له أوهام، وغلط من خلّطه بالذي قبله ـ يعني معاوية بن يحيى الصدفي ـ، فقد قال ابن معين وأبو حاتم وغيرهما: الطرابلسي أقوى من الصدفي، وعكس الدارقطني. التقريب (٥٣٩/ت٦٧٧٣) . وللحديث شواهد عن زيد بن طلحة بن ركانة، وابن عباس، ومعاذ. أما حديث زيد بن طلحة بن ركانة فرواه مالك عن سلمة بن صفوان بن سلمة الزرقي، عن زيد بن طلحة بن ركانة به. هذا الإسناد مداره على مالك فاختلف عليه فيه: فرواه جمهور الرواة عن مالك بهذا الإسناد مرسلاً. أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (٦/١٣٥) من طريق إسحاق بن سليمان الرازي والقعنبي، والقضاعي في "مسند الشهاب" (٢/١٢٣) من طريق عبد الله بن يوسف، وهناد بن السري في "الزهد" (٢/٦٢٥) عن وكيع كلهم عن مالك به مرسلاً. قال ابن عبد البر: "هكذا هذا الحديث في الموطأ عند جمهور الرواة عن مالك". التمهيد (٢١/١٤١) . والحديث في الموطأ برواية يحيى بن يحيى الليثي (٢/٩٠٥) . وأخرجه الدارقطني في "غرائب مالك" كما في "الإصابة" (٣/٥٢٨، و٦/٧١٦) من طريق علي بن الحسن الصفار، وابن عبد البر في "التمهيد" (٢١/١٤٢-١٤٣) من طريق يوسف بن موسى القطان كلهم عن وكيع عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ سلمة بن صفوان عن يزيد بن ركانة عن أبيه به. قال ابن عبد البر: "رواه وكيع عن مالك عن سلمة بن صفوان عن يزيد بن طلحة بن ركانة عن أبيه، ولا أعلم أحداً قال فيه عن أبيه عن مالك إلا وكيع، فإن صحّت رواية وكيع فالحديث مسند من هذا الطريق". التمهيد (٢١/١٤١) . قلت: لم يتفرد وكيع عن مالك بوصله، بل تابعه علي بن يزيد الهمداني عن مالك، كما عند البيهقي في "شعب الإيمان" (٢/١٢٣) ، ولكن روى هناد بن السري عن وكيع عن مالك مثل رواية الجمهور عن مالك، وتابعه أيضاً عن وكيع محمد بن سليمان الأنباري، أخرجه من طريقه ابن عبد البر في التمهيد (٢١/١٤٢) . وقد أنكر يحيى بن معين على وكيع في هذا الحديث قوله: عن أبيه، وقال: ليس فيه عن أبيه، وهو مرسل. التمهيد (٢١/١٤٢) . وقال أيضاً: "حديث ركانة هذا مرسل، ليس فيه عن أبيه، وروي من وجه آخر ضعيف مسنداً". وقال البيهقي: "هذا مرسل". انظر شعب الإيمان (٦/١٣٥) . قلت: وقد أخرج الدارقطني في "غرائب مالك" كما في "الإصابة" (٣/٥٢٨) من طريق مسعدة بن السبع عن مالك عن سلمة بن صفوان عن طلحة بن يزيد بن ركانة، عن أبي هريرة به. قال الدارقطني: "وهم فيه مسعدة، وإنما يزيد بن طلحة بن ركانة، ووهم أيضاً في قوله عن أبي هريرة، وإنما هو مرسل، ثم ساقه من مسند أحمد بن سنان القطان عن ابن مهدي كما في الموطأ. وأخرجه من طريق محمد بن أحمد بن الأشعث، عن نصار بن حرب، عن ابن مهدي مثل ما قال وكيع، قال الدارقطني: "وهم فيه هذا الشيخ، والصواب مرسل". - ... وأما حديث ابن عباس فأخرجه ابن ماجه (٢/١٣٩٩) كتاب الزهد، باب الحياء، والطبراني في "المعجم الكبير" (١٠/٣٢٠) ، وابن أبي حاتم في "العلل" (٢/٢٨٨) ، وابن عدي في "الكامل" (٤/٥٢) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (٦/١٣٦) من طريق سعيد بن محمد الوراق، عن صالح بن حسّان الأنصاري، عن محمد بن كعب القرظي، عن ابن عباس به. إسناده ضعيف جداًّ؛ فإن فيه صالح بن حسان الأنصاري. قال فيه ابن معين: "ضعيف"، ومرة قال: "ليس حديثه بذاك"، وقال مرة: "ليس حديثه بشيء". وقال أحمد: "ليس بشيء"، وقال البخاري: "منكر الحديث". الكامل (٤/٥٢) . وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة" (٤/٢٣٠) : "هذا إسناد ضعيف لضعف صالح بن حسان وسعيد بن محمد الوراق". وقال ابن أبي حاتم: "سألت أبي عن حديث رواه سعيد بن محمد الوراق، فذكره بإسناده ... فقال: "هذا حديث منكر". العلل (٢/٢٨٨) . وقال البيهقي بعد إيراده له: "هذا أيضاً ضعيف". شعب الإيمان (٦/١٣٦) . - ... وحديث معاذ أخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" (٢١/١٤٢) ، ومن طريقه عبد الحق في "الأحكام الوسطى" (٨/٣٦) عن خلف بن القاسم، عن أبي بكر محمد بن الحسين بن صالح السبيعي الحلبي، عن أبي عمر عبد الله بن محمد ابن يحيى الأزدي، عن آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ الْعَسْقَلانِيُّ، عن معن بن الوليد، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ خالد بن معدان (وقع في التمهيد: مهران وهو خطأ) ، عن معاذ رضي الله عنه به، وفيه زيادة ((من لا حياء له لا إيمان له)) . وحسّن إسنادَه ابن عبد البر. وقال عبد الحق: هذا من حديث الشاميين، وإسناده حسن. وقال ابن القطان عقبه: "ومعن بن الوليد ثقة، وسائرهم كذلك، إلا أبا مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ فإني لا أعرفه". بيان الوهم والإيهام (٣/٦٢١) . قلت: هذا أيضاً مرسل؛ لأن خالد بن معدان لم يلقَ معاذاً. قال الذهبي: "أرسل عن معاذ". سير أعلام النبلاء (٤/٥٣٧) ، وانظر السلسلة الضعيفة (٤/١٤/ح١٥٠٦-١٥٠٧) .