للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانياً: تقدم معنا مراراً وتكراراً أن الحافظ الفقيه الإمام الزهري إذا وصف شيئاً أنه من السنة فقوله له ثقل ويصلح أن يستدل به الإنسان لأنهم شهدوا له جميعاً بمعرفة السنة استقراءً، فلو فرضنا أن هذا الكلام من كلام الزهري وأنه يثبت أن الصحابة الذين تمتعوا سعوا مرتين فهذا بحد ذاته دليل قوي، هذا إذا سلمنا بأن الحديث مدرج من كلام الزهري - رحمه الله -.

= والقول الثاني: أن المتمتع يجزئه سعي واحد ولا يلزم أن يسعى مرتين وهو رواية عن الإمام أحمد انتصر لها شيخ الاسلام - رحمه الله -.

واستدل بحديث صحيح صريح وهو:

- أن جابر - رضي الله عنه - قال: أن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يسعوا بين الصفا والمروة إلا مرة واحدة.

ومن المعلوم أن أكثر أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - - جملة الصحابة - حجوا متمتعين وأن الذين حجوا بنسك قران نفر معدود وحسبوا فمنهم من قال خمسة أو كثر أو أقل وبكل حال هم نفر معدود فهم جماعة قليلة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإذا كان جابر - رضي الله عنه - يقول: إن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يسعوا إلا سعياً واحداً بين الصفا والمروة فمن أول ما يدخل في كلام الصحابي الجليل جابر المتمتعون من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وأجاب الجمهور عن هذا الحديث بأن المقصود فقط القارنين للتوفيق بين النصوص وللجمع بينها فإن عائشة وابن عباس يثبتون سعياً آخر وجابر ينفيه نفياً عاماً، والمثبت مقدم على النافي ولكي نحفظ على جابر ما ذكر نجمع بينه وبين ما قالت عائشة وابن عباس بأن يحمل كلامه على القارنين فقط.

والراجح والله اعلم القول الأول.

ولو سلم لشيخ الإسلام تضعيف حديث ابن عباس وتضعيف حديث عائشة لكان قوله قوي جداً ومتوجه لكن الإشكال أن هذه الأحاديث التي أعلها شيخ الإسلام - رحمه الله - في الواقع ليست معلولة بل ثابتة وصحيحة، وهذا يقدح في استدلاله - رحمه الله - وقوة قوله. فنقول الراجح مع الجماهير من الأئمة الأربعة وغيرهم من فقهاء المسلمين الذين رأوا أن المتمتع عليه أن يسعى مرتين الأولى للعمرة والثانية للحج.

<<  <  ج: ص:  >  >>