للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإجماع متحقق في بعض الصور لا شك، كمن ترك الرمي جملة فلا يوجد خلاف وممن حكى الإجماع على وجوب الدم في ترك الرمي جملة شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -، فوجوب الدم من حيث هو محل إجماع. لكن يختلفون في تحقيق المناط. يعني: يختلفون في مسألة هل هذا العمل يستحق أن نوجب عليه الدم أو ليس من الأنساك الكاملة التي يوجب تركها دماً. إذاً يختلفون في تحقيق المناط، أما الوجوب من حيث هو فهذا لم يختلفوا فيه، حتى أن الإنسان إذا ذهب يبحث عن الخلاف لم يجد خلافاً بين أهل العلم أن ترك الواجب فيه دم، وبهذا علمنا إن شاء الله أن هذا القول هو الراجح وأن مخالفة هذا القول الذي أطبق عليه الناس من عصر الصحابة من فتوى ابن عباس والتابعين مخالفة أشبه ما تكون بالشاذة، ولا يجرؤ الإنسان أن يخالف مثل هذه الفتوى التي أطبق عليها خيار الناس بلا حجة شرعية، فإن قيل أن إجابة الدم على الناس بلا دليل: لا يجوز. لأنه إخراج للمال المملوك للمسلم بلا دليل شرعي، فالجواب: الدليل الشرعي هو هذا. وأي دليل أكثر من أنه يجمع الناس على مثل هذه الفتوى ولا أحد يخالف ابن عباس فهذا بحد ذاته دليل قوي، والإجماع هو الأصل الرابع من أصول أهل السنة والجماعة، فوجوب الدم لا إشكال فيه إن شاء الله.

* * مسألة / قال بعض أهل العلم: يجب الدم في ترك النسك أو ترك بعض النسك. فلو ترك ليلة واحدة أو حصاة واحدة أو أي شيء من الأنساك فعليه دم.

واستدل:

- بقول ابن عباس في هذا الأثر: (من ترك نسكاً أو بعض نسك).وفي لفظ: (من ترك نسكاً أو شيئاً من نسك).

= والقول الثاني: أن الدم لا يجب إلا إذا ترك الإنسان نسكاً كاملاً كأن يترك المبيت في الليالي الثلاث. فهذا نسك كامل إذا تركه وجب الدم. وإلا فلا يجب.

- لأن اللفظ المشهور في أثر ابن عباس ليس فيه: (من ترك شيئاً من النسك) وإنما فيه من ترك نسكه أو نسيه. فالتبعيض هذا لا يوجد في كتب السنة فيما وقفت عليه.

فهذا لفظ لا أدري من أين جاء به بعض الفقهاء ليوجبوا الدم في كل ترك نسك ولو جزئي.

<<  <  ج: ص:  >  >>