فيجب أن يقع العقد على المنفعة لا على الممر وهذا مراده - رحمه الله -. وغيره من الحنابلة وضح هذا الأمر. وهو في الحقيقة كان ينبغي أن لا يمثل بكلمة ممر لأن الممر من الأعيان فلو قال: كمنفعة ممر.
- ثم قال - رحمه الله -:
- بمثل أحدهما.
قوله: (بمثل أحدهما) الجار والمجرور يتعلق بقوله: (مبادلة) فالمبادلة تكون: للأعيان المباحة أو للمنافع المباحة.
لكن المؤلف - رحمه الله - قسم الأعيان إلى: أعيان مشاهدة وأعيان في الذمة.
فصارت الأشياء التي يجوز إجراء عقد البيع عليها ثلاثة:
١ - العين المباحة.
٢ - وما في الذمة. وهو الدين.
٣ - والمنفعة.
ويستطيع الإنسان أن يوجد من هذه الثلاث أشياء تسع صور تجوز في البيع. ومعلوم أنه إذا بادلت بين هذه الثلاثة أشياء فسيكون عندنا تسع صور.
ونأخذ ثلاث صور. ثم أنت تستطيع أن تأخذ ست صور بإجراء نفس العملية.
ـ الصورة الأول: بيع عين بعين.
بأن نبيع هذا الكتاب بهذه العشرين ريال الموجودة حال إجراء العقد. فهذا بيع عين بعين.
ـ الصورة الثانية: بيع عين بدين. وهو الذي يسميه المؤلف - رحمه الله -: (ما في الذمة).
بأن أقول: اشتريت منك الكتاب أو بعت عليك الكتاب الذي اسمه كذا وصفته كذا بعشرين ريالاً. فأنت تعطيني العشرين ريال الآن والكتاب موصوف في الذمة يسلم لاحقاً وفي موعد يتفق عليه.
ـ الصورة الثالثة: بيع عين بمنفعة.
بأن أشتري منك منفعة هذا الممر وليس الممر. فالممر لا يجوز لي أن أبيعه ولا أن أتصرف فيه لكن منفعة هذا الممر هي التي وقع عليها العقد.
ثم تستطيع أن توجد ست صور بإجراء نفس العملية إلا أنه في الصورة التاسعة وهي: (بيع ما في الذمة بما في الذمة) يشترط لصحة العقد تسليم أحد العوضين في مجلس العقد لكي لا يدخل تحت بيع الدين بالدين وهي الصورة التي اتفق الفقهاء - رحمهم الله - على تحريمها. فيما عدا هذه الصورة التاسعة وهي بيع ما في الذمة بما في الذمة فالصور جميعاً جائزة بلا شرط إضافي عدا الشروط الأصلية لصحة إجراء عقد البيع.
- ثم قال - رحمه الله -:
- على التأبيد.
أراد أن يخرج بقوله: (على التأبيد): عقدين:
- الأول: الإجارة. فإن الإجارة وإن كان شراء منافع إلا أنها: شراء منافع مؤقتة.