ـ المسألة الثانية: إذا تقرر أن من وجد الماء في أرضه في بئر أو عين أنه يجب أن يبذل ما زاد عن حاجته فإنه مع ذلك نقول: هو أولى وأحق الناس بهذا الماء.
فإذا كانت له حاجة بهذا الماء فهو مقدم على غيره ولا يجوز لغيره أن يعتدي على الماء الذي يحتاجه صاحب الأرض وإنما يجب بذل الزائد عن الحاجة فقط أما ما يحتاجه صاحب الأرض فهو له.
بناء على ذلك: ما يقع الآن في وقتنا من تعبئة السيارات بالماء وبيعها حكمه فيه تفصيل:
ـ إن كان صاحب البئر يملأ السيارات من البئر مباشرة فهو لا يجوز حسب ما قررنا. لأنه باع الزائد عن حاجته بيعاً والإنسان لا يجوز له أن يبيع ما زاد عن حاجته ولو تكلف في إخراجه لأن البئر أيضاً يتكلف الإنسان في إخراج الماء منها ومع ذلك لا يجوز أن يبيعه.
ـ وأما إن كان يضع الماء في خزانات كبيرة أو في برك أو ما أشبه هذه الأمور ثم يعبي السيارات منها فهذا جائز وعمله مباح.
ومن هنا يجب أن يتنبه الذين يتاجرون ببيع الماء أن لا يبيعوه من البئر مباشرة بل يحوزوه أولاً في برك أو خزانات ثم بعد ذلك يتصرفون فيه تصرف الملاك.
- ثم قال - رحمه الله -:
- ولا ما ينبت في أرضه من كلأ وشوك.
الكلأ والشوك: حكمه حكم الماء. فالتفصيل الذي ذكر في الماء تماماً ينطبق على حكم بيع الكلأ الذي ينبت في أرض الإنسان.
والراجح في تلك المسألة هو الراجح في هذه المسألة.
* * مسألة / فإن كان الكلأ أنبته الإنسان في أرضه باعتنائه واختياره. فهو ملك له ولا يدخل في المنع وله أن يتصرف فيه تصرف الملاك. لأنه نبت بعمله والأصل في الكلأ الذي لا يجوز أن يحوزه الإنسان بعد حاجته - الأصل فيه الكلأ والنبات الذي خرج بأمر الله.
وما خرج بفعل الإنسان وبدون فعله كله بأمر الله لكن المقصود ما خرج بلا تدخل من صاحب الأرض فإن زرعه هو أو أبقى الأرض بلا زرع لينبت فيها الكلأ فكذلك هو ملك له يتصرف فيه تصرف الملاك.