- وإن باع ثوباً أو صبرة أو قطيعاً كل ذراع أو قفيز أو شاة بدرهم: صح.
يعني: نلاحظ أن المؤلف - رحمه الله - يأتي بصور ممنوعة ثم يأتي بصور جائزة ثم يرجع للصورة الممنوعة ثم يتكلم عن الصور الجائزة.
فبدأ: ولا يصح بيع الملابسة والمنابذة.
ثم: ويصح ما مأكوله في جوفه. إذاً انتقل إلى العيان التي تصح.
ثم رجع فقال: فإنه باعه برقمه ... إلى آخره. قال: لم يصح.
ثم رجع مرة أخرى وقال: وإن باع ثوباً أو صبرة ... صح.
فهذا في الحقيقة يخالف الترتيب المنطقي والمتبادر للذهن أن يجعل العقود الصحيحة جملة واحدة ثم يجعل العقود الغير الصحيحة جملة واحدة لكن المؤلف - رحمه الله - إنما فرق هذا التفريق ليبين المسائل المتشابهة التي بعضها يصح وبعضها لا يصح.
فيجعل المسائل المتشابهة جميعاً في مكان واحد التي تصح والتي لا تصح.
فمثلاً: يبين مسائل الثنيا في مكان واحد فيذكر ما يصح من الثنيا وما يحرم من الثنيا ثم ينتقل لمسائل المستتر فيبين ما يصح وما لا يصح ثم الآن انتقل إلى مسائل بيع الصبرة غير معروفة العدد وسيبين ما يصح وما لا يصح وهو بدأ الآن بالأشياء التي تصح:
- فيقول - رحمه الله -:
- وإن باع ثوباً أو صبرة أو قطيعاً كل ذراع أو قفيز أو شاة بدرهم: صح.
= ذهب الجمهور من أهل العلم إلى أنه يجوز أن يبيع الإنسان الثوب: كل ذراع بكذا والصبرة كل قفيز بكذا والقطيع كل شاة بكذا. ولو جهل مقدار الصبرة ومقدار الثوب وعدد الشياه.
واستدلوا على هذا:
- بأن الصبرة مشاهدة معلومة والقطيع مشاهد معلوم فهو تحت نظر المشتري. وما الثمن فهو يعلم بمعرفة عدد الأذرع والأقفزة وعدد الشياه، فصار كل من المبيع السلعة والثمن معلوماً معروفاً وليس بمجهول.
ولذلك ذهب الجمهور إلى تصحيح هذا العقد.
وهذا صحيح فإذا قال: بعت عليك هذه الصبرة كل قفيز منها بدرهم فلا إشكال لأنه لن يسلم الدراهم إلا بعد معرفة كم قفيز في هذه الصبرة.
فإذاً تم معرفة الثمن بمعرفة عدد الأقفزة في هذه الصبرة ولا إشكال إن شاء الله في هذه المسألة.
ثم انتقل المؤلف إلى ما لا يجوز:
- فقال - رحمه الله -:
- وإن باع من الصبرة كل قفيز بدرهم ... لم يصح.
إذا باع الصبرة كل قفيز بدرهم: صح.