وهذه المسألة مع وضوحها وبساطة فهمها إلا أن كثيراً من المتأخرين يقع فيها وذلك بأن يصحح الأحاديث الضعيفة لأن معناها تشهد له الأحاديث العامة، ومنها هذا الحديث، فهذا الحديث صحيح فإن الأحاديث الأخرى تشهد لمعناه، لكن من حيث الصناعة الإسنادية لا يثبت مرفوعاً منسوباً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -.
- القسم الثاني: العنب الذي يتم نضجه بدون أن يسود وهو العنب الأبيض. وبدو الصلاح فيه أن يتموه حلواً.
ومعنى قوله - رحمه الله -: (يتموه) يعني يتصف بصفتين:
- أن يلين.
- ويبدو فيه الماء الحلو.
فإن اتصف بهاتين الصفتين فقد تموه حلوا وجاز بيعه. إذاً هذان قسمان لنضج العنب.
- ثم قال - رحمه الله -:
- وفي بقية الثمر أن يبدو فيه النضج ويطيب أكله.
هذه القاعدة العامة في ضابط بدو الصلاح. هو: أن يطيب أكله. ودليل هذه القاعدة العامة:
- الحديث الصحيح: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمر حتى يطيب ويظهر نضجه.
فهذا الحديث هو في الحقيقة متنه قاعدة وهو أن الضابط العام في بدو الصلاح هو أن يطيب ويظهر نضجه ويصلح للأكل. فهذه هي القاعدة العامة في كل شيء.
والضوابط التي ذكرها المؤلف - رحمه الله - في مسألة النخل والعنب ما هي إلا أمثلة لهذه القاعدة العامة.
ومن المعلوم أن الثمار تختلف اختلافاً بيناً في النضج:
- فمن الثمار ما ينضج وهو صغير ويطيب أكله ولا ينتظر فيه أن يستتم نماؤه، مثل: الخيار. فالخيار يؤكل صغيراً.
- ومن الثمار من لا يستتم ولا يطيب إلا بعد فترة طويلة وبعد أن يكبر. وغالب الثمار هكذا: كالموز وكل الفواكه فهي لا تطيب إلا بعد مضي فترة يستتم فيها اكتمال الموز والحجم والطعم.
إذاً هذه هي القاعدة العامة. إذا طاب وأمكن أكله وتم نضجه جاز بيعه وهو يختلف اختلافاً كبيراً بيناً بين ثمرة إلى أخرى.
ومن الفقهاء من استطرد جداً في الكلام عن كل فاكهة وعن كل ثمرة وعن كل نبتة كيف يتم نضجها وهذا تطويل بلا فائدة لأن القاعدة العامة تغني عن الاستطراد الطويل وإنما تخدم القاعدة العامة بالأمثلة الموضحة فقط.
- ثم قال - رحمه الله -:
- ومن باع عبداً له مال: فماله لبائعه إلاّ أن يشترطه المشتري.