= والقول الثاني: أنه يجوز استئجار كل ما يشبه الأجير والظئر.
قيجوز أن يستأجر الدابة بعلفها.
- لأن دليل الجواز لم يقصر الحكم على هذين النوعين بدليل تعدية الصحابة الحكم من الظئر إلى الأجير.
فدل على أنهم رأوا علة الحكم وقاسوا عليه ما يشبهه.
فنقول: كل ما يشبه هذه المسألة صحيح والحاجة داعية إليه.
ونصر هذا القول ابن القيم - رحمه الله - وبين قوة هذا القول وأنه لا فرق بين استئجار الدابة بالطعام وبين استئجار المرأة للإرضاع بالكسوة والطعام وأن المسألة واحدة.
- قال - رحمه الله -:
- وإن دخل حماماً أو سفينة أو أعطى ثوبه قصارا أو خياطاً بلا عقد: صح بأجرة العادة.
هذه المسائل المجموعة كلها لها حكم واحد: وهي: أنه يصح العقد ولو بلا لفظ وإنما بمجرد العمل.
هذا القاسم المشترك بين هذه المسائل الأربع.
واستدلوا على هذا الحكم: أي: على صحة الإجارة في هذه المسائل بمجرد العمل ولو بلا لفظ:
- بأن العرف قام مقام التصريح في تصحيح وثتبيت هذه العقود.
- يقول - رحمه الله -:
- وإن دخل حماماً.
الحمام هو المكان المخصص لاغتسال الناس. وهو موجود في البلدان قديماً في الشام ومصر والعراق وفي كل مكان والآن انحصر ولا يوجد أبداً فيما أعلم إلا في الشام - هكذا فهمت من بعض الناس أنه لا يوجد إلا في هذه المدينة فقط.
وكانت هذه الحمامات أماكن عامة يشترك فيها الناس والغرض منها الاغتسال بأجرة معلومة.
فإذا دخل الإنسان هذا الحمام وفوراً بدأ بالاغتسال وانتفع بما في الحمام من ماء حار وصابون وآلات بدون أن يعقد مع صاحب الحمام فالعقد صحيح ولو بلا لفظ.
- لأن العرف جار على تصحيح العقد بمجرد الاغتسال.
- ثم قال - رحمه الله -:
- أو سفينة.
يعني: إذا ركب الإنسان في السفينة لنقله من شاطيء إلى شاطيء بلا عقد مع رب السفينة فإن العقد صحيح بمجرد الركوب.
- لأنه وضع نفسه لنقل الناس فدل العرف على تصحيح عقده بمجرد الركوب.
ولا يخفى عليكم أنه تستوي بعض المواصلات الحديثة في هذا الحكم مع رب السفينة مثل لو ركب القطار فإنه لا يوجد عقد مطلقاً وإنما يدفع التذكرة مثل لو ركب مع أصحاب التكاسي بلا كلام فكذلك نفس الحكم.