= القول الثاني: أنه لا يجوز تملك الأراضي القريبة ولو لم تتعلق بها مصلحة العامر.
واستدلوا على هذا:
- بأنه وإن لم تتعلق بها الآن ربما تعلقت بها في وقت قريب. فأدى التملك إلى الإضرار.
والراجح: القول الأول. إلا أن يرى ولي الأمر أن التملك في بعض الأراضي القريبة يضر في القريب العاجل بعامر البنيان فله أن يمنع من ذلك. لأن لا يدخل الضرر على أصحاب العامر.
- ثم قال - رحمه الله -:
- ومن أحاط مواتاً.
بدأ المؤلف - رحمه الله - ببيان صفة الإحياء: يعني: كيف يحصل الإحياء؟ أو بماذا يكون الإحياء؟
- فيقول - رحمه الله -:
- ومن أحاط مواتاً ..
يعني: فقد أحياه.
فأفادنا المؤلف - رحمه الله - أن إحاطة الأرض الموات بحائط يعتبر إحياء له.
والمقصود بالحائط: يعني: الذي يمنع من دونه. وليس مقصودهم أي حائط ولو كان قصيراً بل المقصود ما يمنع الدخول إلى الأرض.
وسواء أحاط الأرض ليزرعها أو ليربي فيها الماشية أو ليبني فيها أياً ما كان فالإحاطة تعتبر إحياء.
واستدلوا - رحمهم الله - على ذلك:
- بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (من أحاط أرضاً فهي له).
وهذا الحديث في أسانيده ضعف لكن كثير من المعاصرين يصححونه بمجموع الطرق.
فهذا الحديث نص على أن الإحاطة تعتبر إحياء.
ولم يبين المؤلف - رحمه الله - بماذا تكون الإحاطة؟ أي: هل يشترط للإحاطة أن تكون من مواد معينة أو الإحاطة تكون حسب الجدر المبنية في كل زمان.
هذا القول الثاني هو المراد: أن الإحاطة ربما تكون باللبن أو بالخشب أو بالسعف - حسب ما تحصل الإحاطة به وحسب غرض المحيط.
ربما أحاطها ليبني وربما ليزرع وربما ليربي الماشية ولكل من هذه الأغراض ما يناسبه من الحائط.
= القول الثاني - في كفيفة الإحياء أنه يرجع فيها إلى العرف.
- لأن الشارع الحكيم قرر أن من أحيا أرضاً فقد ملكها ولم يبين كيفية تفصيلية للإحياء فنرجع فيه إلى العرف.
فما اعتبر في العرف إحياء فهو إحياء وما لا فلا.
وهذا القول الثاني هو الصحيح لأنه ليس في النصوص ما يدل على تعين الإحاطة وأما هذا الحديث فهو إن صح لا يدل على أن الإحياء لا يكون إلا بالإحاطة. لأن ذكر بعض أفراد العموم بحكم يوافق العموم لا يعني تخصيصه بالحكم.
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أحمعين.