تأملت أنا هذه المسألة مراراً وتكراراً وأعدت فيها النظر وظهر لي بوضوح أن النكاح بنية الطلاق متعة ليس بينه وبين نكاح المتعة أي فرق، إلا فرق ليس له قيمه وهو عدم التصريح بالشرط، وأي قيمة لهذا الشرط، ومن العجيب أن نكاح المتعة في القديم كان يتخذ كثيراً في السفر، والنبي صلى الله عليه وسلم لما أباح نكاح المتعة كانوا في سفر في مكة، والآن النكاح بنية الطلاق إنما يستخدم في السفر، فبينهما تطابق من وجهة نظري كبير، ويظهر لي الآن بجلاء أنه متعة إنما خلي عن الشرط، وأتعجب في الحقيقة من ذهاب الجماهير إلى الجواز كما تعجب شيخ الإسلام من ابن قدامة حيث أشار إلى الجواز مع أن المذهب كله على المنع، وفتاوى الإمام أحمد على المنع، وسئل عن الرجل يذهب إلى خرسان ليتزوج ثم يطلق إذا أراد أن يخرج من خرسان، وقال: هذا متعة، فإذا تأمل الإنسان وهي مسألة خلاف على كل حال والخلاف فيها قوي جداً، لكن يظهر لي بوضوح أن النكاح لمن عزم على الطلاق بعد مدة عينها أنه متعة، ولا يفترق عن المتعة بأي شيء في حقيقته، وإنما يفترق عنه في ظاهره، وهو قضية التصريح بالشرط أو عدم التصريح بالشرط، وهي قضية ليس لها أي قيمة من وجهة نظري، ومما يؤيد المنع أن دائماً نقرر في المسائل كثيراً أن العبرة بالمعاني والمقاصد، وليست العبرة بالألفاظ والمباني، وإذا أردنا أن نعتبر هذا العقد اعتبار، وننظر إلى المقاصد منه، وجدنا أن المقصد منه يتوافق مع المتعة، فإذا كنا نرى أن هذه القاعدة صحيحة وطبقناها على هذه المسألة نتج عن ذلك المنع، أعود وأقول هي مسألة خلاف والخلاف فيها قوي بل الجمهور يرون الجواز ولكن هكذا ظهر لي بعد التأمل.