والقول الثاني: أن العقد والشرط صحيحان، والخلاف في هذه المسألة كالخلاف في المسألة السابقة، وهي اشتراط عدم النفقة، ولو أردنا أن نطبق الضابط الذي ذكره ابن القيم يقول: أن ما كل ما جاز بذله بلا شرط يعني في الأصل صار لازماً بالشرط، وهل يجوز للمرأة أن تتنازل عن ليلتها للأخرى ابتداءً؟ يجوز، فإذا جاز أن تتنازل يجوز أن نلزمها بهذا التنازل من خلال الشرط، وهو في الحقيقة ضابط جيد بخلاف المهر، المهر لا يجوز لها هي أن تتنازل عنه ولا ابتداءً، ولذلك لم يصح الشرط الملزم بالتنازل عنه فهو في الحقيقة ضابط إن شاء الله مطرد.
يقول (أو أكثر) يعني أو أن يشترط الزوج أو أن تشترط الزوجة أن يقسم لها أكثر من ضرتها، فالشرط باطل والعقد صحيح، وهذا الحكم صحيح لأن الشرط في هذه المسألة باطل، لأن هذا الشرط يتضمن ظلم المرأة والاعتداء على حقها، ولذلك نقول هذا الشرط فاسد لأنه يتعارض مع نصوص الشرع، ولأن فيه اعتداء على حق الغير بخلاف الشرط الأول، فهو تنازل من المرأة، وإذا تنازلت عن حقها فلا حرج عليها، أما هذا الشرط فهو اعتداء على طرف ثالث، فلا يجوز إذا اشترطوا، وعليه أن يقسم بالسوية، وأيضاً إذا أردت أن تطبق ضابط ابن القيم تجده صحيح، هل يجوز للإنسان ابتداءً أن يفاضل بين نسائه؟ لا يجوز، إذاً لا يجوز أن يلزمه من خلال الشرط.
قال المؤلف - رحمه الله -:
(أو شرط فيه خياراً)
أي شرط الزوج في النكاح خيار، فقال: تزوجت فلانة ولي الخيار لمدة شهر، فهذا الشرط باطل والعقد لازم وصحيح.
التعليل: ذكروا تعليلاً جميلاً في الحقيقة قالوا: أن هذا الشرط يؤدي إلى امتهان الحرائر، ووجه ذلك أنه يكشف عن المرأة ويستمتع بها ثم إذا بدا له قال اخترت الفسخ، وبهذا تمتهن الحرائر ويدخل عليهن الضرر.
واستدلوا بدليل آخر وهو ما تقدم معنا أن عقود المعاوضات لا يصلح فيها التعليق.