للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله وإن أصدقها تعليم القرآن أفادنا المؤلف بهذه العبارة بل بالتي قبلها، يعني هو مستفاد من عموم العبارة السابقة، أنه يجوز أن يكون المهر قليلاً وكثيراً، حالاً ومؤجلاً، حالاً وفي الذمة، وعيناً، لأنه يقول: (كل ما صح أجرة أو ثمن صح مهراً)، وهذه الأشياء تصح، وأيضاً يجوز أن يكون منفعة، ويجوز أن يكون عيناً، وهذا الذي أقوله اتفق عليه الأئمة الأربعة في الجملة، وهو أنه يجوز مهما كان نوعه وجنسه وتأجيله وحلوله إلى آخره، إلا أن الأحناف خالفوا في المنفعة، فلم يرو أن المنفعة يصح أن تكون مهراً، واستدل الأحناف على عدم تصحيح المنفعة مهراً في أن الله سبحانه وتعالى اشترط أن يكون المهر من المال والمنفعة ليست مالاً.

واستدل الجمهور الذين يرون جواز أن تكون المنفعة مهراً بأدلة:

الأول: أن المنفعة وإن لم تكن مالاً فهي بمعنى المال ولذلك يعاوض عنها بالمال.

الدليل الثاني قوله تعالى: {إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثمان حجج}، والإجارة للرعي منفعة وليست مالاً.

لهذا نقول الراجح إن شاء الله: جواز جعل المنفعة مهراً، يستثنى من هذا مسألة واحدة فقط أشار إليها شيخ الإسلام رحمه الله، وهي أنه لا يجوز أن تكون المنفعة خدمة خاصة للزوجة، يعني أن يكون المهر هو منفعة خدمة الزوجة، واستدل على هذا بأمرين:

الأمر الأول: أن في هذا إهانة وامتهاناً للزوج.

الثاني: وهو من وجهة نظري الأهم أن في هذا تعارض الحقوق، بأن العقد يقتضي أن تخدم الزوجة الزوج، وهذا المهر يقتضي العكس، وما ذكره الشيخ وجيه وصحيح، فإذاً يجوز أن تكون المنفعة أي نوع من الأنواع، إلا خدمة الزوجة، فلها أن تقول مهري أن تقوم بإدارة المزارع الخاصة بي، أو المنازل الخاصة بي، أو بتأجير البيوت التابعة لي، ونحو هذه، أو بمتابعة المعاملات الخاصة بي، إلا أنه يجب أن تكون المنفعة محددة ومعلومة.

<<  <  ج: ص:  >  >>