الدليل الثالث: أنّ هذا السكران فقد عقله بغير عذر فليس أهلاً أن يرفع عنه آثار قوله.
القول الثاني: أنّ طلاق السكران لايقع وهو مذهب عدد من الفقهاء وعدد من المحققين - رحمهم الله - استدلوا على هذا بأدلة:
الأول: أنه صح عن عثمان - رضي الله عنه - أنّ طلاق السكران لايقع , وأنه لم يصح عن صحابي خلاف حينئذ إذا رأينا أنهم ذكروا
أنه لم يصح عن غير عثمان - رضي الله عنه - خلافه نحتاج الجواب عن أثر علي - رضي الله عنه - الجواب عنه من وجهين:
أو الجمع بينه وبين زعمهم أنه لم يصح إلاّ عن عثمان - رضي الله عنه -
الأول: أنه لا يصح ولا يثبت عن علي - رضي الله عنه -
الثاني: وهو الأقرب أنه لا دلالة في أثر علي - رضي الله عنه - فإنه ذكر أنّ كل الطلاق جائز إلاّ المعتوه , ولم يتحدث عن السكران
فلا دلالة في الأثر من الأصل.
الدليل الثاني: للقائلين بعدم الوقوع أنّ الله تعالى قال {يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون} [النساء/٤٣] فدلت الآية أنّ السكران لا يعتد بقوله لأنه لا يعلم ما يقول , وإذا كان لا يعتد بقوله فإنه لا يقع طلاقه.
الدليل الثالث: أنّ السكران غير مكلف لأنه فاقد العقل وإن كان فاقد العقل بغير عذر إلاّ أنه فاقد العقل , فوجد فيه وصف رفع التكليف. الراجح إن شاء الله أنه لا يقع , وذكر أنّ الإمام أحمد - رحمه الله - رجع إلى هذا القول, فهذه المسألة من المسائل التي يعرف فيها الرواية الأولى والثانية , فالثانية عدم الوقوع وهذا القول إن شاء الله أقرب.
* * مسألة / حد السكر الذي لايقع معه الطلاق , هو ألاّ يعرف ما يقول ولا يفرقّ بين الأعيان فيختلط عليه مثلاً ردائه مع رداء غيره
ولا يشترط أن لا يعرف السماء من الأرض , لأنّ المجنون قد يعرف السماء من الأرض ومع ذلك غير مكلف , وهذا الضابط أخذ من الآية , {حتى تعلموا ما تقولون} [النساء/٤٣] فإذا علم ما يقول وفرق بين الأعيان وقع طلاقه وإن كان فيه نشوة السكر وإلاّ فلا.
قال - رحمه الله - (ومن أكره عليه ظلماً بإيلام له أو ولد ... )
بدأ المؤلف بالكلام عن طلاق المكره والإكراه يحصل بأمرين:
الأول: إيقاع الأذى مباشرة.
الثاني: تهديد بالأذى