القول الثالث: أنّ هذا اللفظ إذا قال ما أحل الله عليّ حرام أعني به الطلاق أو أعني به طلاقاً ظهار مطلقاً , إلاّ أن ينوي به يميناً.
واستدل هؤلاء بأنّ الظهار لا يكون في الإسلام طلاقاً , ونحن تقدم معنا أنّ قوله (ما أحل الله عليّ حرام) كقوله (أنت عليّ حرام) ولا فرق بين أن ينوي وبين أن يصرح بالنية , لا يوجد فرق. فإذا قال أنت عليّ حرام أنوي به الطلاق فهو ظهار , كذلك إذا قال ما أحل الله عليّ حرام أنوي به الطلاق فهو ظهار , وأيّ فرق بين أن يصرح بنيته وبين أن لا يصرح بنيته وبين أن لا يصرح بنيته.
إذا نقول تعود هذه المسألة إلى مسألة أنه ليس في الشرع إيقاع الطلاق بصيغة الظهار. ونحن قررنا أنّ أنت عليّ حرام أو ما أحل الله عليّ حرام أنه يساوي أنت عليّ كظهر أمي. إذا عادت المسألة لقضية أنه ظهار بصيغة التحريم فلا يقع طلاقاً.
فالخلاصة / ما أحل الله عليّ حرام أعني به الطلاق , حكمه الصحيح أنه ظهار مطلقاً مالم ينوي اليمين.
فنعود للقول الثاني في المسألة السابقة.
قال - رحمه الله - (وإن قال: كالميتة , والدم , والخَنزِير وقع ما نواه من طلاق , وظهار, ويمين)
إذا قال أنت عليّ كالميتة يختلف عما إذا قال عند الفقهاء أنت عليّ حرام كالميتة والخنزير , نأتي إلى لفظ المؤلف الذي ليس فيه حرام أنت عليّ كالميتة والخنزير., إذا قال أنت عليّ كالميتة والخنزير,
يقول الشيخ الماتن - رحمه الله - (وقع ما نواه من طلاق وظهار ويمين)
فإن نوى الطلاق فهو طلاق , وإن الظهار فهو ظهار , وإن نوى اليمين فهو يمين.
الدليل على هذا: أنّّه إذا قال أنت عليّ كالميتة وأراد الطلاق فغاية ما هنالك أنه كناية , والكنايات تقع بالنية , وإذا قال أنت عليّ كالميتة والخنزير ولم يرد الطلاق فقط أراد التحريم لأنّ هذا التشبيه إنما هو تشبيه بالتحريم , فصار كأنه قال أنت عليّ حرام.
وأنت عليّ حرام عند الحنابلة ظهار , وإن أراد يمين فهو يمين لأنه أراد المنع أو الحث فأخرجه مخرج اليمين.
ابن القيم يقول - رحمه الله - (أنّ أنت عليّ حرام كالميتة أو الخنزير يساوي تماماً أنت عليّ حرام)