القول الثاني: أنّ من يمكن أن ينسب إليه ولد هو من بلغ بالإنزال ولا ننظر للسن لأنه قبل أن ينزل لا يمكن أن يكون الولد منه لأن الولد إنما يكون من الماء.
القول الثالث: أنّ من يمكن أن يولد لمثله هو ابن الاثني عشر سنة.
والخلاف السابق يفيد أن ابن تسع ليس ممن يولد لمثله بالاتفاق وهو محكي ـ أي الاتفاق ـ لكن الصحيح أن ابن التسع فيه خلاف لكن تركناه لضعفه والقول الثاني ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ ومن حين وقفت على هذا القول وقع في ذهني أنه أرجح الأقوال لأنه كيف ننسب الولد لشخص لم يثبت أنه بلغ بالإنزال مع العلم أنّ الناس العلماء وغير العلماء أجمعوا أنّ الولد لا يكون إلاّ بالإنزال وهذه المعلومة أنّ الولد لا يكون إلاّ بالإنزال لا تخفى على الحنابلة أليس كذلك لا تخفى على أحد لكن ذهبوا إلى تقييده بابن العشر مراعاة وحفظاً للأنساب لأنّا نرى أنه في القصة التي ستأتينا لما تنازع سعد بن أبي وقاص مع عبد بن زمعة.
سيأتينا أنّ الولد يشبه عقبة ولا يشبه زمعة ونكاد نقطع أنّ هذا الولد ليس لزمعة ومع هذا جعله النبي لزمعة وعلل ذلك بقوله:(الولد للفراش) فنرى أنّ الشارع يثبت النسب مع علمه أنّ هذا الولد ليس لهذا الأب فمنطلق الحنابلة منطلق قوي مع هذا أنا أقول أنّ القول الثاني هو الراجح لأنه في هذه المسألة لا يوجد هنا نزاع حتى نلحقه بصاحب الفراش وإنما ابتداء نقول هل يمكن أن ينسب الولد لمن لم ينزل أصلاً أو لا يمكن , فنحن نقول إن شاء الله الراجح أنه لابد من ثبوت الإنزال وإنما أردنا بهذا التطويل أن تعلم أنّ مذهب الحنابلة قوي وليس مصادماً لا للعقل ولا للشرع.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
(ولا يحكم ببلوغه إن شك فيه)
لا يحكم ببلوغ هذا الذي نسبنا إليه الولد إن شك ببلوغه لماذا؟ لأنّ الأصل عدم البلوغ ولأن البلوغ يترتب عليه أحكام كالتكليف ووجوب الغرامات وإنما أثبتنا النسب احتياطا للأنساب فقط وأيضاً نقول في هذه المسألة لا تظن أنّ في هذا التقرير تعارضاً , كيف تقول لم يبلغ وتنسب إليه الولد؟ لما تقدم معنا أن المراد الاحتياط للأنساب.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
(ومن اعترف بوطء أمته في الفرج أو دونه فولدت لنصف سنة , أو أزيد لحقه ولدها)