الثاني: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لماعز: لعلك قبلت أو غمزت قال - رضي الله عنه - لا يا رسول الله فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أفنكتها , لا يكني قال ماعز - رضي الله عنه - نعم , وهذا اللفظ في صحيح البخاري وهو ثابت لا شك فيه إن شاء الله.
فإذا لا بد أن يصرح بحقيقة الوطء ولو قيل أنّ هذا يختلف باختلاف المعترف والألفاظ عند الناس فاليوم الزنا أصبح يطلق على الزنا الذي هو الوطء لا ينصرف إلى شيء سواه فإذا كان هذه الحقيقة العرفية موجودة في زمن فلو قيل يكتفى بكلمة زنيت عن التصريح بحقيقة الوطء لكان هذا القول له وجه من القوة.
ثم - قال رحمه الله - (ولا ينزع عن إقراره حتى يتم عليه الحد)
هذا هو الشرط الأخير وهو الثالث في الإقرار أن يقر وأن تكون أربع في مجالس وأن يصرح بحقيقة الوطء وأن لا يرجع والدليل على هذا أنّ ماعزا لما هرب - رضي الله عنه - قال النبي - صلى الله عليه وسلم - أفلا تركتموه يتوب فيتوب الله عليه. وفي قوله أفلا تركتموه يتوب دليل على أنّ رجوعه مقبول.
والقول الثاني: أنه لا يشترط الرجوع ولا يقبل منه لأنه لما هرب - رضي الله عنه - لحقه الصحابة وأجهزوا عليه. وجه الاستدلال أنّ رجوعه لو كان صحيحا للزم الصحابة الدية لأنه يعتبر قتل بالخطأ ولكن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يلزمهم بالدية والراجح الأول وهو المذهب فإذا رجع يقبل منه.
ثم - قال رحمه الله - (الثاني: أن يشهد عليه في مجلس واحد)
الطريقة الثاني ة لإثبات جريمة الزنا الشهود أن يشهد عليه أربعة كما قال تعالى [النور/٣٥]{لولا جاؤوا عليه بأربعة شهداء}[النور ١٣] وهذا الأمر وهو إثباته بشهادة أربعة مجمع عليه.
ثم - قال رحمه الله - (في مجلس واحد)
يشترط أن تكون الشهادة في مجلس واحد فإن شهدوا في مجلسين لم يقبل منهم وأقيم عليهم حد القذف. والدليل على هذا أنّ ثلاثة شهدوا على المغيرة - رضي الله عنه - وتطلبوا الرابع فلم يشهد فأقام عمر - رضي الله عنه - عليهم الحد. وجه الاستدلال. نحن نتكلم أن يكون الشهادة في مجلس واحد , أنّ عمر - رضي الله عنه - لم ينتظر إكمال الرابع ففي هذا دليل على أنّ شهادته في غير هذا المجلس لا عبرة بها.