والقول الثالث أن اليسير ما يشبه أعمال النبي - صلى الله عليه وسلم - التي قام بها في الأحاديث السابقة وما عداه فهو كثير
وهذا هو الراجح أنه يقاس القليل والكثير بأعماله - صلى الله عليه وسلم - وأيضاً إذا تأملت الأقوال السابقة ستجد أنها متقاربة فالإنسان إذا صلى وظن من رآه أنه لا يصلي قريبة من العرف العام عند الناس أن هذا عمل عملاً كثيراً يخل بالصلاة وهو أيضاً قريب من الضابط الأخير فإن هذا لا يشبه أبداً عمل النبي صلى الله عليه وسلم
فإذاً إذا فصل بهذا الكثير فإن الصلاة تبطل لانتقاء الموالاة بين أعمال الصلاة وللمنافاة بين هذه الأعمال وبين الطمأنينة والطمأنينة ركن من أركان الصلاة
وذكر الشيخ هنا قيود لهذا الشيء فقال فإن أطال الفعل عرفا تقدم معنا أن عرفاً هي أحد الأقوال في ضابط الكثير من غير ضرورة أما إن كان طول الفعل وكثرته للضرورة جاز ولو كثرت جداً فإذا هجم على الإنسان سبع في الصلاة جاز له أن يهرب عنه ولا يقطع صلاته لأن هذا العمل الكثير ألجأت إليه الضرورة ولا فرق بين أن تكون الضرورة خاصة به هو كما في المثال الذي ذكرت أو أن تكون الضرورة متعلقة بغيره كأن يذهب إلى إنقاذ غريق أو إنقاذ حريق أو ليتفادى سقوط طفل أو ما شابه هذه الأعمال التي تتعلق بالغير ولكنها أيضاً توصف بأنها ضرورة ويدل على هذا كله قوله تعالى فإن خفتم فرجالاً أو ركباناً ومن المعلوم أن الإنسان إذا ركب الفرس أو مشى راجلاً هارباً من العدو أنه سيعمل أعمالاً كثيرة ومع ذلك أجاز الله سبحانه وتعالى له أن يصلي وهو في هذه الحالة مع كثرت الأعمال للضرورة
• ثم قال - رحمه الله -
وبلا تفريق
وهذا شرط مهم أي أنه يشترط في العمل الكثير الذي يبطل الصلاة أن يكون متوالياً فإن وقع متفرقاً فإنه لا يبطل الصلاة حتى لو فرضنا أنه لو جمعت هذه الأعمال لصارت مجتمعة فعلاً كثيرة فإن الصلاة لا تبطل
والدليل على هذا ما تقدم معنا من أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يحمل أمامه وهذا فعل لو جمع وضم بعضه لبعض لصار فعلاً كثيراً حيث يضعها في كل ركعة ويجملها في كل ركعة