للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لو أنَّ عينَ أبي زبيدٍ عاينتْ … فتكاتهِ لأقرَّ بالإحجام (١)

فحملتُ من بعد الثَّمانينَ العصا … متيقِّنا إنذارها لحمامي

وقال أيضاً أطال الله بقاءه في المعنى:

مع الثمانينَ عاثَ الضَّعفُ في جلدي … وساءني ضعفُ رجلي واضطرابُ يدي (٢)

إذا كتبت فخطِّي جدُّ مضطربٍ … كخطِّ مرتعشِ الكفينِ مرتعدِ (٣)

وإن مشيت وفي كفِّي العصا ثقلت … رجلي كأني أخوض الوحل في الجلد (٤)

فاعجبْ لضعف يدي عن حملها قلماً … من بعد حطم القنا في لبَّة الأسد

فقلْ لمن يتمنّى طولَ مدّته … هذي عواقبُ طول العمر والمددِ

قال المؤلف أطال الله بقاءه: دخل علي بالموصل سنة ست وعشرين وخمسمائة رجل من أهل الموصل نصراني يعرف بابن تدرس (٥)، وهو شيخ كبير يمشي على عصا ليسلم علي، وأنشدني والعصا بيده قبل السلام:

أحمدُ الله إذْ سلمتُ إلى أن … صرت أمشي وفي يدي عكَّازة

نعمةٌ ليتني بقيت عليها … حذراً أن أشال فوق جنازة (٦)

وقال آخر:

عصيت العصا أيّام شرخ شبيبتي … فلما انقضى شرخ الشباب أطعتها

أحمِّلها ثقلي ويحسب كلُّ من … رآها بكفّي أنني قد حملتها


(١) أبو زبيد الطائي، حرملة بن المنذر، كان نصرانيا مخضرما، وكان أوصف الناس للأسد، وصفه بحضرة عثمان بن عفان وصفا مرعبا، فقال له عثمان: اسكت قطع اللّه لسانك فقد أرعبت قلوب المسلمين. انظر الشعر والشعراء ٢٦٠ والأغانى ١١: ٢٣ - ٣٠ والمعمرين ٨٦ والجمحي ١٣٢ والخزانة ٢: ١٥٥ - ١٥٦.
(٢) هذه الأبيات مما لم يرو أيضا في ديوان أسامة. وقد أنشدها في الاعتبار ١٦٣.
وانظر ابن خلكان ١: ٦٣ والمسالك ١٠: ٥٠٠ مصورة دار الكتب.
(٣) في الأصل والمسالك: «لخط مرتعش»، والوجه ما أثبت من خ والاعتبار.
(٤) الجلد: الغليظ من الأرض.
(٥) خ: «بابن مرزينا».
(٦) في الأصل: «خالدا لا أشال»، وأثبت ما في خ.

<<  <   >  >>