أوّل الرّسل إلى أهل الأرض (١)، وقد سمّاك الله عبدًا شكورًا، اشفع لنا إلى ربّك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول: إنّ ربّي عزّ وجلّ قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنّه قد كانت لي دعوة دعوتها على قومي، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى إبراهيم.
فيأتون إبراهيم فيقولون: يا إبراهيم أنت نبيّ الله وخليله من أهل الأرض، اشفع لنا إلى ربّك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول لهم: إنّ ربّي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنّي قد كنت كذبت ثلاث كذبات- فذكرهنّ أبوحيان في الحديث- نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى موسى. فيأتون موسى فيقولون: يا موسى أنت رسول الله، فضّلك الله برسالته وبكلامه على النّاس، اشفع لنا إلى ربّك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول: إنّ ربّي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنّي قد قتلت نفسًا لم أومر بقتلها، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى عيسى. فيأتون عيسى فيقولون: يا عيسى أنت رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وكلّمت النّاس في المهد صبيًّا" اشفع لنا إلى ربّك ألا ترى إلى ما نحن
(١) إشكال بين هذا الحديث وحديث جابر: ((أعطيت خمسًا لم يعطهنّ أحد قبلي)) وفيه ((وكان الرّجل يرسل إلى قومه خاصّة))، فهل نوح أرسل إلى قومه خاصة، أم إلى جميع أهل الأرض، والصحيح أنه أرسل إلى جميع أهل الأرض وأنّهم جميعًا كانوا قومه ولما لم يستجيبوا له، دعا عليهم فأغرقهم الله، ولو لم يكونوا جميعًا قومه لما عذّبهم الله بغير إقامة الحجة عليهم قال الله سبحانه وتعالى: {وما كنّا معذبين حتى نبعث رسولاً} إن شئت الاطلاع على مزيد من حل هذا الإشكال فانظر فتح الباري (ج١ ص٤٣٦) حديث رقم (٣٣٥).