مذهب المحدث، والظاهر هنا الأول، ذلك لأنّهم لو علموا أن قتيبة واهم في هذا لراجعوه. كيف ويحيى بن معين قد اختبر شيخه أبا نعيم الفضل بن دكين، والبخاري قد رد على بعض شيوخه، كما في مقدمة "الفتح"، وقد ساق الخطيب بسنده إلى قتيبة أنه قال لأحمد بن محمد: ما رأيت في كتابي من علامات الحمرة فهو علامة أحمد بن حنبل، وما رأيت فيه من الخضرة فهو علامة يحيى بن معين.
وأما أبوحاتم رحمه الله فإنه اعتمد على شيئين: أحدهما: أنه لم يجد الحديث في مصر، وإنما حدثه به قتيبة وهذا لا يمنع أن يتفرد قتيبة بحديث عن الليث، والثاني: أنه عللها برواية أبي صالح عن الليث، عن هشام بن سعد. وأبوصالح هو عبد الله بن صالح كاتب الليث، والكلام فيه معروف، وهشام هو ابن سعد مختلف فيه والراجح ضعفه إلا إذا روى عن زيد بن أسلم فهذه الرواية لا تصلح أن تكون معلة لتلك الرواية.
هذا والجواب عن بقية المطاعن تؤخذ مما تقدم، وعلى كل فليس الاعتماد في المسألة على حديث قتيبة ولكن على الأحاديث المتقدمة.
وبعد: فقد ترجح لي ضعف حديث قتيبة لإنكار كبار المحدثين على قتيبة وتوهيمه، ويغني عنه ما تقدم أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم جمع جمْع تقديم بعرفة، ولأدلة أخر. والحمد لله رب العالمين.