كِتَابُ الطَّهَارَةِ بَابُ الْمِيَاهِ الطَّهَارَةُ تَارَةً تَكُونُ مِنْ الْأَعْيَانِ النَّجِسَةِ، وَتَارَةً مِنْ الْأَعْمَالِ الْخَبِيثَةِ، وَتَارَةً مِنْ الْأَحْدَاثِ الْمَانِعَةِ، فَمِنْ الْأَوَّلِ: قَوْله تَعَالَى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: ٤] عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ. مِنْ الثَّانِي: قَوْله تَعَالَى: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} [التوبة: ١٠٨] الْآيَةَ. وَمِنْ الثَّالِثِ: قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: ٦] .
وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الطَّهُورِ هَلْ هُوَ بِمَعْنَى الطَّاهِرِ أَمْ لَا؟ وَهَذَا النِّزَاعُ مَعْرُوفٌ بَيْنَ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ.
قَالَ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ، وَأَحْمَدَ، وَالشَّافِعِيِّ: الطَّهُورُ مُتَعَدٍّ، وَالطَّاهِرُ لَازِمٌ.
وَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ: الطَّاهِرُ هُوَ الطَّهُورُ، وَهُوَ قَوْلُ الْخِرَقِيِّ. وَفَصْلُ الْخِطَابِ: أَنَّ صِيغَةَ اللُّزُومِ وَالتَّعَدِّي لَفْظٌ مُجْمَلٌ يُرَادُ بِهِ اللُّزُومُ، الطَّاهِرُ يَتَنَاوَلُ الْمَاءَ وَغَيْرَهُ، وَكَذَلِكَ الطَّهُورُ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَ التُّرَابَ طَهُورًا، وَلَكِنْ لَفْظُ الطَّاهِرِ يَقَعُ عَلَى جَامِدَاتٍ كَثِيرَةٍ: كَالثِّيَابِ، وَالْأَطْعِمَةِ، وَعَلَى مَائِعَاتٍ كَثِيرَةٍ: كَالْأَدْهَانِ، وَالْأَلْبَانِ، وَتِلْكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُطَهَّرَ بِهَا فَهِيَ طَاهِرَةٌ لَيْسَتْ بِطَهُورٍ. قُلْت: وَذَكَرَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي شَرْحِ الْإِلْمَامِ " عَنْ بَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ الْمُتَأَخِّرِينَ مَعْنَى مَا أَشَارَ إلَيْهِ أَبُو الْعَبَّاسِ، قَالَ بَعْضُ النَّاسِ: لَا فَائِدَةَ فِي النِّزَاعِ فِي الْمَسْأَلَةِ، قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute