كتابا في الرد على المبتدعة، وقال له: ويحك، ألست تحكي بدعتهم؟ ألست تحمل الناس بتصنيفك على مطالعة كلام أهل البدعة، فيدعوهم ذلك إلى الرأي والبحث.
فاختفى المحاسبي، فلما مات لم يصل عليه إلا أربعة.
وإلى ذلك ذهب الشافعي ومالك وسفيان الثوري وأهل الحديث قاطبة حتى قال الشافعي - رضي الله عنه -: لأن يلقى الله العبد بكل ذنب ما خلا الشرك بالله خير له من أن يلقاه بشيء من الكلام.
فلزم الناس السكوت عن الخوض في علم الكلام إلى أن نبغ الإمام الأشعري فاشتغل يرد على المعتزلة أقوالهم الفاسدة وآراءهم، ويجيب عن آرائهم الواهية.
فاتبعه المالكية على ذلك، وسموه ناصر السنة، وهو ومن اتبعه على صواب، موافقين في اعتقادهم للسنة والكتاب لا في الخوض مع الخائضين، والتصدي لذكر شبه المبطلين وتخليدها في الأوراق إلى يوم الدين.
وأما الحنابلة فأنكروا ذلك عليه وفوقوا سهام الانتقاد إليه، وقالوا له كان ينبغي لك أن تسكت كما سكت الأئمة قبلك من السلف الصالح المهتدين الذين يرون أن الخوض في علم الكلام من البدع المحدثة في الدين، أما لك فيهم أسوة؟ أفلا وسعك ما وسعهم من السكوت على تلك الهفوة؟
في الاعتقاد سهلة المرام منزهة عن التخيلات والأوهام