فهؤلاء جميعا ردوا على الغزالي وعلى كتابه إحياء علوم الدين، ففي ذلك أبلغ عبرة وأعظم دليل على أن علماء المغرب لا زالوا مناهضين لبدع المتصوفة، رادين أباطيلهم، مبطلين خرافاتهم، ولو كان المتصوف أحد كبار العلماء والفقهاء. كما هو الحال بالنسبة للغزالي.
ولا يغرنك كثرة المتصوفة المغاربة في العصور المتأخرة، لأن عصور الانحطاط لا عبرة بها في ميزان النقد والاعتبار. والله أعلم.
ولو ظفرت بمن شئت من المغاربة المتأخرين ممن أثنوا على الغزالي وعلى كتابه لم يعشروا معشار مثل أبي بكر الطرطوشي وأبي عبد الله المازري وأبي بكر بن العربي المعافري والقاضي عياض بن موسى اليحصبي، فهؤلاء عِلية القوم، وجِلة المالكية في ذلك العصر، علما أن منهم من تتلمذ على يديه وعرفه عن قرب كما هو الحال بالنسبة للطرطوشي وأبي بكر بن العربي.
ومن علماء المغرب المالكية الذي أكثروا التشنيع على المتصوفة ومحدثاتهم: الأستاذ أبو عبد الله الحفار.
نقل الونشريسي في المعيار المعرب (٧/ ٩٩ - ١٠٠ - ١٠١) عنه قوله: ثم هاهنا أمر زائد في السؤال أن تلك الليلة تقام على طريقة الفقراء، وطريقة الفقراء في هذه الأوقات شنيعة من شنع الدين، لأن عهدهم في الاجتماع إنما هو الغناء والشطح، ويقررون لعوام المسلمين أن ذلك من أعظم القربات في هذه الأوقات وأنها طريقة أولياء الله، وهم قوم جهلة لا يحسن أحدهم أحكام ما يجب عليه في يومه وليلته، بل هو ممن استخلفه الشيطان على إضلال عوام