تَقَدَّم بعضها-، وكلُّها تعودُ على الأمةِ بالخيرِ والإِحسان والنفعِ العام، وقد خَصَّ اللهُ نبيَّه - صلى الله عليه وسلم - بخصائصَ عظيمة، وحباه بصفاتٍ كريمة، فبَعَثه إلى الناسِ عامةً، وجَعَله رحمةً للعالمين، واتَّخذه خليلاً كما اتَّخذ إبراهيمَ خليلا، ورَفَع منزلتَه في أعلى الجنة -وهي الوسيلة-، وجَعَله سيِّدَ أولادِ آدمَ كلِّهم، وأعطاه المَقامَ المحمودَ والشفاعةَ العُظمى يومَ القيامة، ونَصَره بالرعبِ مسيرةَ شهرٍ، وشَرَح له صَدْرَه، وغَفَر له ذَنْبَه، ووضع عنه وِزْرَه، ورَفَع له ذِكْرَه، فلا يُذكرُ سبحانه إلاَّ ذُكِرَ معه، كما في الخُطَبِ والتشهُّدِ والإقامةِ والتأذين، وخصائصُه وشمائلُه - صلى الله عليه وسلم - كثيرةٌ جدًّا، فكيف -بعدَ هذا كلِّه- تَجترئُ صحيفةُ "المساء" المصرية والقائمون عليها على الاستهزاء به والحطِّ مِن قَدْرِه وتمثيلِه بحيوانٍ من أحقرِ الحيوانات وأدناها، إمعانًا في الاحتقارِ ومبالغةً في الاستهزاء، سبحان الله ما أعظَمَ شأنه!! والله أكبر ما أوسَعَ حلمه!! {كَذَلِكَ يَطْبَعُ الله عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}[الروم: ٥٩].
وليس هذا الكفرُ الظاهرُ والنفاقُ السافرُ والاستهزاءُ الصريحُ بأشرفِ عِبادِ الله ومَن أخرَجَ الله به العِبادَ من الظلماتِ إلى النور -بغريبٍ من صُحُفِ الخلاعةِ والمُجون، وأبواقِ الكفرِ والإِلحاد، ومنابِرِ الظُّلمِ والعدوان ومحاربةِ الفضائلِ والدعوةِ إلى الرذائل، ليس ذلك بغريبٍ على بعضِ القائمين على صُحف القاهرة، الذين باعوا أنفسَهم للشيطان، وأعرضُوا عما جاءت به الرسل ونَزَل به القرآن، واهتمُّوا بالفراعنة والمَلاحدة وعُبَّادِ الصُّلْبان، وجَنَّدوا بعضَ صُحُفِهم لمحاربةِ الإِسلام، وطَمْسِ شعائِرِه العظِام، والتضليلِ والتلبيسِ على خفافيش الأبصار