للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كثيفاً، وكان قد تغيَّر لقيس بنِ عبدِ يغوث، فقلنا: إن قيساً يخافُ على دمِه فهو لأولِ دعوةٍ فدعوناه، وأبلغناه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكأنما نزلنا عليه من السماء، فأجابنا وكاتَبْنا الناسَ، فأخبره الشيطانُ شيئاً من ذلك، فدعا قيساً أن شيطانَه يأمُره بقَتله لميله إلى عدوِّه، فحَلف له قيسٌ: لأنْت أعظمُ في نفسي من أن أُحدِّث نفسي بذلك.

ثم أتانا فقال: يا جشنسُ، ويا فيروزُ، ويا داذويه، فأخبَرَنا بقول الأسود، فبينا نحن معه يحدثنا إذ أرسل إليه الأسود فتهدَّدَنا، فاعتذَرْنا إليه ونجونا منه ولم نَكَدْ، وهو مرتابٌ بنا ونحن نَحذَرُه، فبينا نحن على ذلك إذ جاءتنا كتبُ عامرِ بنِ شهر، وذي زود، وذي مران، وذي الكَلاع، وذي ظلم يبذلون لنا النصر، فكاتبناهم وأمرناهم أن لا يَفعلوا شيئاً حتى نُبرمَ أمرَنا، وإنما اهتاجوا لذلك حين كاتَبَهم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، وكتب أيضاً إلى أهل نجرانَ فأجابوه، وبلغ ذلك الأسودَ وأحسَّ بالهلاك، قال: فدخلت على آزاد- وهي امرأتُه التي تزوَّجها بعد قتل زوجها شهرِ بن باذان-، فدعوتُها إلى ما نحن عليه، وذكَّرتها قتلَ زوجِها شهر وهلاكَ عشيرتِها وفضيحةَ النساء، فأجابت وقالت: واللهِ ما خَلَق اللهُ شخصاً أبغضَ إليَّ منه، ما يقومُ لله على حقٍّ، ولا ينتهي عن مُحَرَّم، فأعلِموني أمرَكم أُخبِرْكم بوجهِ الأمر.

قال. فخرجتُ وأخبرتُ فيروز وداذويه، وقيْساً. قال: وإذْ قد جاء رجلٌ فدعا قيساً إلى الأسود، فدخل في عَشَرةٍ من مَذْحج وهَمدان، فلم


= أمهات عربيات. ويُقال: الحِميري؛ لنزوله في حِميَر ومحالفته إيّاهم .. وهو قاتل الأسود العنسي.

<<  <  ج: ص:  >  >>