للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دعوى ابنِ عربي هذه يَصِلُ بها إلى آخِرِ درجاتِ الهبوط العقلي التي يصاب بها كلُّ مَن تجارت به الأهواء وعَبَثت بخياله الشياطين .. إذ كيف يكونُ أشرفُ البشر على الإِطلاق وسيدُ ولد آدم وقائدُ الأنبياء وأكرمُهم على الله، والذي أُعِدَّ له في أعلى الجنة مكانٌ لا يَصِلُ إليه سواه؛ لِمَا له عند الله من المكانة والتكريم: كيف يكونُ أقلَّ من أحدِ أتباعه مِمَّن يزعُمون لأنفسِهم الولاية والتي لا تنالُ إلاَّ بمتابعته - صلى الله عليه وسلم -، فلا يَرى الأمورَ على حقيقتها حتى يأتي ابنُ عربي في أعقابِ الزمن ينعى عليه - صلى الله عليه وسلم - رؤيته ويتَّهمُه بفسادها .. وإنها تهمةٌ تتعدَّى مقامَ النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى مقام الله سبحانه وتعالى الذي أخفى عن رسوله الصورةَ الصحيحة وأراه خلافَها.

وإن ذلك الاتهامَ ليهدمُ الإسلامَ من أساسه، إذ مَن يَعجِزُ عن رؤيةِ أحد أصول العقيدة على حقيقته عاجزٌ عن أن يَرى بقيةَ أمورِ الشريعة على حقيقتها، فلا يؤمَنُ جانبُه في تبليغ شرع الله .. هذا ما تَعنيه تلك القولةُ الآثمةُ التيَ تَحُطُّ من قَدرِه - صلى الله عليه وسلم -وحاشاه عن ذلك-.

ثامنًا: يدَّعي ابنُ عربي أن الوليَّ متبعٌ ظاهرًا مستقلٌّ باطنًا، حيث قال: "أخذ عن الله في السر ما هو بالصورة الظاهرة متبعٌ فيه"، وهذه نتيجةٌ طبيعيةٌ يَصِلُ إليها ابنُ عربي بعد تلك الضلالات المتراكمة، فما دام أن الوليَّ يتْلقَّى الوحيَ من الله، وأن رؤيته أصحُّ من رؤيةِ النبي، فلا حاجةَ له إلى الأخذِ عن النبي؛ لأنه أصحُّ رؤيةً وأصدقُ تصورًا منه.

تاسعًا: إن جميعَ هذه المصطلحات التي جاء بها ابن عربي: "من قوله: "إنما ارتفعت نبوةُ التشريع وقوله: "لا شَرع خاصة، لا أنه يكون بعده نبي وقوله: "إن الله لطف بعباده فأبقى لهم النبوَّةَ العامةَ التي لا تشريع

<<  <  ج: ص:  >  >>