للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ صَبَّاحٍ، حَدَّثَنَا مَعْبَدٌ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكُوفِيُّ، نَزَلَ بَغْدَادَ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: سَأَلْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْقُرْآنِ فَقَالَ: «لَيْسَ بِخَالِقٍ وَلَا مَخْلُوقٍ» وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: " احْتَجَّ هَؤُلَاءِ: يَعْنِي الْجَهْمِيَّةَ بِآيَاتٍ، وَلَيْسَ فِيمَا احْتَجُّوا بِهِ أَشَدُّ الْتِبَاسًا مِنْ ثَلَاثِ آيَاتٍ , قَوْلِهِ: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} [الفرقان: ٢] ، فَقَالُوا: إِنْ قُلْتُمْ: إِنَّ الْقُرْآنَ لَا شَيْءَ كَفَرْتُمْ، وَإِنْ قُلْتُمْ: إِنَّ الْقُرْآنَ شَيْءٌ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْآيَةِ، وَالثَّانِيَةُ قَوْلُهُ: {إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ} [النساء: ١٧١] ، قَالُوا: فأَنْتُمْ قُلْتُمْ بِقَوْلِ النَّصَارَى لِأَنَّ الْمَسِيحَ كَلِمَةُ اللَّهِ، وَهُوَ خَلْقٌ فَقُلْتُمْ إِنَّ كَلَامَ اللَّهِ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ، وَعِيسَى مِنْ كَلَامِ اللَّهِ، وَالثَّالِثَةُ: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [الأنبياء: ٢] ، وَقُلْتُمْ لَيْسَ بِمُحْدَثٍ " قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: " أَمَّا قَوْلُهُ: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ} [الفرقان: ٢] ، فَهُوَ كَمَا قَالَ، وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [النحل: ٤٠] ، فَأَخْبَرَ أَنَّ أَوَّلَ خَلْقٍ خَلَقَهُ بِقَوْلِهِ، وَأَوَّلَ خَلْقٍ هُوَ مِنَ الشَّيْءِ الَّذِي يُقَالُ: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ} [الفرقان: ٢] ، فَأَخْبَرَ أَنَّ كَلَامَهُ قَبْلَ الْخَلْقِ، وَأَمَّا تَحْرِيفُهُمْ: إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ فَلَوْ كَانَ كَمَا قَالُوا لَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ: وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ لِأَنَّ عِيسَى مُذَكَّرٌ، وَالْكَلِمَةُ مُؤَنَّثَةٌ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَ الْعَرَبِ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا خَلَقَ اللَّهُ عِيسَى بِالْكَلِمَةِ لَا إِنَّهُ الْكَلِمَةُ، أَلَا تَسْمَعُ إِلَى قَوْلِهِ: {وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ} [النساء: ١٧١] يَعْنِي جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، كَمَا قَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى: {فأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا} [مريم: ١٧] ، وَقَالَ: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [آل عمران: ٥٩] فَخَلَقَ عِيسَى وَآدَمَ بِقَوْلِهِ: كُنْ وَلَيْسَ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ خِلَافٌ، وَأَمَّا تَحْرِيفُهُمْ: {مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [الأنبياء: ٢] ، فَإِنَّمَا حَدَثَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ لَمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ مَا لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ

<<  <   >  >>