للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اسمَ التصوُّفِ والصُّوفيّ صادقُ بدونِ ذلكَ، وَلَا يَقُل (١) إنَّ الأَقدَمِينَ اتَّصَفُوا بِها.

أمَّا المُساكنَةُ فلم تكُنْ ثَمَّ خانْقات (٢) ولا رُبُطٌ للصُّوفيَّة، وإنَّما حدثَ ذلكَ بعدَ الأربعِ مئة وأمَّا المخالَطَةُ، فالسَّلَفُ اختلَفُوا في أنَّ العُزلةَ أفضَلُ أم لَا؟ .

قال أبو سعيد الخُدْريّ: سُئِلَ رسولُ اللَّه، أيُّ النَّاس أفضلُ؟ قالَ: "رجلٌ مجاهدٌ في سبيل اللَّه". قالُوا: ثُمَّ. قالَ: "ثُمَّ رجلٌ مؤمنٌ في شُعَبٍ مِنَ الشِّعاب يَشْقَى بِهِ، ويدَعُ النَّاسَ من شرِّه" (حديث صحيح) (٣).

ومنْ رجَّحَ مخالطَةَ النَّاسِ، لم يَقصُرْهُ على طائفةٍ مخصوصَةٍ، بلْ لا شكَّ أنَّ العُزلَةَ أرجحُ من مخالَطَةِ مَنْ أحدَثَ رُسُومًا، وجعلَهَا شَرعًا، وأيُّ شاهدٍ اعتبارُ منْ يلبسُ جُمجُمًا (٤) في رجلَيْهِ ويُصَيِّرُ عذَبتَهُ بين يديه أو لَهُ طَرطُورٌ طَويلٌ كأنَّهُ زَلُّومَةُ فيلٍ.

وقد ثبت في "صحيحِ مسلمٍ" أنَّ رسُولَ اللَّهِ، قال: "إنَّ اللَّهَ لَا ينظُرُ إلى صورِكُم وأموالِكُمْ ولكِنْ ينظُرُ إلى قُلوبِكُم وأعمالِكُم" (٥). فَشَيءٌ لا ينظرُ اللَّه إليه لا يكونُ شرطًا لاستحقاقِ ما يُتَقَرَّبُ بِهِ إليهِ.


(١) المرجع السابق ونفس الصفحة.
(٢) الأصح "خوانق".
(٣) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٣/ ٥٦) وقد ذكره المؤلف بالمعنى وباختصار، وهو حديث ضعيف. (م)
(٤) الجمجم: ضرب من المكاييل، انظر اللسان -مادة- جمجم.
(٥) رواه مسلم رقم (٢٥٦٤) في البر والصلة: باب تحريم الظن والتجسس والتنافس من حديث أبي هريرة. (م).

<<  <   >  >>