(ومن أوسع أودية الباطل الغلو في الأفاضل، ومن أمضى أسلحته أن يرمي الغالي كل من يحاول رده إلى الحق ببغض أولئك الأفضل ومعاداتهم، ويرى بعض أهل العلم أن النصارى أول ما غلوا في عيسى عليه السلام كان الغلاة يرمون كل من أعظم ما ساعد على انتشار الغلو، لأن بقايا أهل الحق كانوا يرون أنهم إذا أنكروا على الغلاة نسبوا إلى ما هم أشد الناس كراهية له من بغض عيسى وتحقيره، ومقتهم الجمهور وأوذوا، فثبطهم هذا عن الانكار، وخلا الجو للشيطان، وقريب من هذا حال الغلاة الروافض وحال القبوريين، وحال غلاة المقلدين)
قلت: وأما شيخ الإسلام فإنه لم يأبه لتلك الاتهامات التي يلمز بها أهل الباطل كل من لم يكن على طريقتهم في الغلو، وإنما كان - رحمه الله - ينزل كل إنسان منزلته التي أنزله الله تعالى.
وكان كثيراً ما يجري المقارنات بين الأشخاص الذين غلا فيهم قوم، وجفا عنهم آخرون، فيصد غلو هؤلاء بجفاء أولئك، ويخرج من بينهما الرأي الصحيح في ذا ك الشخص الفاضل.