علي ما هو مثلها أو أبعد عن العذر منها، فإن كان مأجوراً أو معذوراً فهم أولى بالأجر والعذر، وأن قيل باستلزام الأمر الأخف فسقاً أو كفراُ، كان استلزم الأغلظ لذلك أولى.
وأيضاً فيقال: إن فاطمة رضي الله عنها إنما عظم أذاها لما في ذلك من أذى أبيها، فإذا دار الأمر بين أذى أبيها وأذاها كان الاحتراز عن أذى أبيها أوجب. وهذا حال أبي بكر وعمر، فإنهما احتراز عن أن يؤذيا أباها أو يريباه بشئ، فإنه عهد عهداً وأمر بأمر، فخافا إن غيرا عهده وأمره أن يغضب لمخالفة أمره وعهده ويتأذى بذلك، وكل عاقل يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حكم بحكم، وطلبت فاطمة أو غيرها ما يخالف ذلك الحكم، كان مراعاة حكم النبي صلى الله عليه وسلم أولى، فإن طاعته واجبة، ومعصيته محرمة، ومن تأذى بطاعته كان مخطئاً في تأذيه بذلك، وكان الموافق لطاعته مصيباً في طاعته. وهذا بخلاف من آذاها لغرض نفسه لا لأجل طاعة الله ورسوله.
ومن تدبر حال أبي بكر في رعايته لأمر النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه إنما قصد طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم لا أمراً آخر، يحكم أن حاله أكمل وأفضل وأعلى من حال علي رضي الله عنهما، وكلاهما سيد كبير من أكابر أولياء الله المتقين، وحزب الله المفلحين، وعباد الله الصالحين، ومن السابقين الأولين، ومن أكابر المقربين، الذين يشربون بالتسنيم، ولهذا كان أبو بكر رضي الله عنه يقول:" والله لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي أن أصل من قرابتي " وقال: " ارقبوا