هذا آخر ما ذكره الواحدي هنا. وذكر في قوله تعالى:{هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ}(البقرة: من الآية٢٤٦) قرأ نافع وحده عسيتم بكسر السين، واللغة الفصيحة المشهورة فيها فتحها. قال: ووجه قراءة نافع ما حكاه ابن الأعرابي أنهم يقولون هو عسى بكذا، وما أعساه وأعسى به، وقولهم عسى يقوي عسيتم بكسر السين ألا ترى أن عسى مثل شج وحرفان، قالوا: يلزمكم أن تقرؤوا عسى ربكم. قيل: القياس هذا، وله أن يأخذ باللغتين فيستعمل إحداهما في موضع والأخرى في موضع.
قال الإمام أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره في قوله تعالى:{هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ} قال: قرأ نافع وطلحة والحسن عسيتم بكسر السين في القرآن كله وهي لغة، والباقون بالفتح وهي اللغة الفصيحة. قال أبو عبيد: لو جاز عسيتم يعني بالكسر لقرىء عسى ربكم يعني بالكسر مثله. والجواب: عما ذكره الواحدي كما تقدم. وقال الإمام أبو البقاء النحوي في كتابه إعراب القرآن في هذه الآية: جمهور القراء على فتح السين لأنه على فعل تقول عسى مثل رمى وتقرأ بكسرها وهي لغة، والفعل منها عسى مثل خشي، واسم الفاعل مثل عم حكاه ابن الأعرابي.
قال الواحدي في قول الله تعالى:{عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً}(الاسراء: من الآية٧٩) قال المفسرون: كلهم عسى من الله عز وجل واجب. قال أهل المعاني: وإنما كان كذلك لأن معنى عسى في اللغة التقريب والإطماع، ومن أطمع إنسانا في شيء حرمه كان عارا، والله تعالى أكرم من أن يطمع إنسانا في شيء ثم لا يعطيه ذلك.
عشر: العشر من الشهر فيه لغتان التأنيث والتذكير، والتأنيث أكثر في الأحاديث وكلام العرب، ومنه الأحاديث الصحيحة في طلب ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان، ومما جاء في التذكير حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه في صحيح مسلم في آخر كتاب الصيام في حديث ليلة القدر، قال: إن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعتكف العسر الأول من رمضان ثم اعتكف العشر الأوسط، ثم قال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “إني أعتكف العشر الأول ألتمس هذه الليلة ثم اعتكفت العشر الأوسط ثم أتيت فقيل لي إنها في العشر الأواخر” هذا