للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

جارية شبق، فليس لمنعظ (١) رأي، لأنه يقطع بأول نظرة، وأول نظرة سحر وللجديد وللغريب روعة؛ فإذا صادف منه حاجة داعية قطع بما تكذبه الحواس عند الاستغناء. ولهذا قيل: تكرير اللحظ يخلق كل جدة، ومعاودة التقليب يظهر التصنّع، ويهرج التدليس.

(الوصية الثانية) ما حذّر منه القدماء قبل الشرى قالوا: كن على حذر من شرى الرقيق في المواسم، ففي مثل تلك الأسواق يتم للنخاسين الحيل، فكم من قضيفة بيعت بخصبة (٢)، وسمراء كمدة بيعت بصفراء مذهبة، وممسوح العجز بثقيل لروادف، وبطين بمجدول الحشا، وأبخر الفم بطيب النكهة، وكم صفروا البياض الحادث عن القروح في العين، والبرص والبهق في الجلد، وجعلوا العين الزرقاء كحلاء، وكم من مرة حمروا الخدود المصفرة، وسمنوا الوجوه المقعقعة (٣)، وكبروا الفقاح الهزيلة، وأعدموا الخدود شعر اللحى، وأكسبوا الشعور الشقر حالك السواد، وجعدوا الشعور السبطة، وبيضوا الوجوه المسمرة، ودملجوا السيقان المعرقة (٤)، ورطلوا الشعور الممرطة، وأذهبوا آثار الجدري والوشم والنمش والحكة.

ولكل من هذه أسباب يعرفها الأطباء قد أوردناها في مقالتنا في الحسبة، وسنورد منها في الفن الخامس شذرة بحسب الحاجة.

وكم من مريض بيع بالصحيح، وغلام بجارية، هذا زائد على ما يوصّون


(١) في الأصل: «لمغتبط». وما أثبت من الصواب يوافق ما في التحقيق ص ١٤.
(٢) القضيفة: النحيفة. في الأصل «قصيفة».
(٣) لعلها «المتقفعة».
(٤) المعرقة: الضامرة القليلة اللحم. وفي اللسان: دملج جسمه دملجة، أي طوى طيا حتى أكثر لحمه.

<<  <   >  >>