لأنها ألفاظ جاءت لمعناها، فإذا صرفناها عن معناها الظاهر صار ذلك من باب أتباع الهوى لا الهدى.
والصفات الخبرية: هي التي تدل على مسمى هو أبعاص لنا وأجزاء، مثل: الوجه، واليد، والقدم، والأصابع، والعين، فكل هذه ألفاظ تدل على مسميات هي بالنسبة إلينا أبعاض وأجزاء، أما بالنسبة لله فلا نقول إنها أبعاض وأجزاء؛ لان البعض والجزء ما يمكن انفصال بعضه عن بعض، وهذا بالنسبة لله عز وجل مستحيل، ولهذا لم نر أحداً يقول: إن يد الله بعض منه أو جزء منه، أو إن وجهه جزء منه أو بعض منه، فلا يقال هذا في حق الله عز وجل؛ لان البعض والجزء ما صح انفصاله عن الأصل، وهذا بالنسبة لله أمر مستحيل، إذا نسميها يدا ووجها وعينا وأصبعا وقدما، وما أشبه ذلك، لكننا لا نسميها بعضا أو جزءا.
وعكس طريق السلف في هذا الباب: الذين أجروها على خلاف ظاهرها، أو أجروها على ظاهرها وجعلوها من جنس صفات المخلوقين، أو لم يجروها على ظاهرها ولا على غير ظاهرها، فسكتوا.
فمثلا: الذين أجروها على ظاهرها وجعلوها من جنس صفات المخلوقين فهؤلاء الممثلة، وحقيقة الأمر أنهم لم يجروها على ظاهرها، وإن ادعوا أن هذا هو الظاهر فهم كاذبون.
ولنضرب لذلك مثلا باليد، فإذا قالوا إن ظاهر اليد أن تكون مثل أيدي المخلوقين، قلنا: كذبتم ليس هذا ظاهرها؛ لان هذه اليد أضيفت إلى الله، فلا يمكن أن يكون المضاف إلى الله كالمضاف للمخلوقين، بل المضاف إلى الله يكون لائقا بالله عز وجل، ووصف كل موصوف يناسبه.