والعجيب أن الرازي يقول: أرواحنا في وحشة من جسومنا، إلى هذا الحد: روحه مستوحشة من جسده، لا تود أن تقر فيه، كأنما يتمنون الموت الآن ومفارقة الروح الجسد الذي هي في وحشة منه؛ لان الإنسان - نسأل الله العافية والسلامة والثبات - إذا لم يكن له عقيدة ضاع، اللهم إلا أن يكون قلبه ميتا، لان الذي قلبه ميت يكون حيوانيا لا يهتم بشيء أبداً، لكن الإنسان الذي عنده شيء من الحياة في القلب إذا لم يكن له عقيدة فإنه يضيع ويهلك، ويكون في قلق دائم لا نهاية له، فتكون روحه في وحشة من جسمه وقوله:(وحسن ما نحاه ذو الأثر) نحاه بمعني اتبعه، يعني: وألم تر حسن ما اتبعه ذوي الأثر، والجواب: أننا نرى ذلك، فنحن نطالع كتب هؤلاء وأقوالهم، ونطالع كتب أولئك وأقوالهم، فنجد أن هؤلاء الأثريين، إذا قالوا قولاً فإنما يقولون بقول الله ورسوله، مطمئنين منشرحة صدورهم. أما أولئك فهم على العكس من هذا، دائماً في صراع قيل وقال، وجدل لا نهاية له، وفرضيات وهمية ليس لها أصل، فتجدهم في حيرة وقلق.
لكن ما نحاه أهل الأثر واتبعوه يقرأ احدهم كلام الله عز وجل:(وَجَاءَ رَبُّكَ)(الفجر: ٢٢)(فيقول: سبحانه وتعالى يجيء كما يليق بجلاله، ويقرأ: (استوى على العرش)(فيقول: استوى سبحانه وتعالى على عرشه كما يليق بجلاله، ويقرأ: (بل يداه مبسوطتان) (يقول: له يدان لكنها ليست كأيدي المخلوقين؛ لان الله ليس كمثله شيء وهكذا يقرأ في القرآن والسنة نصوصا واضحة بينة.
ووالله لو خلوا من التقديرات التي يقدرونها ما وجدوا إلا خيرا، أي