للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
مسار الصفحة الحالية:

فأنت إذا أخذت النصوص على ظاهرها سلمت من كل شيء، وعظمت الله حق تعظيمه، ولن تحتاج إلى أن تتكلم في ذات الله كأنما تشرح جسما من أجسام الآدميين، كما يوجد عند بعض الناس الآن، حتى إني رأيت كتابا لبعض الناس يسال: هل يقال أن الله ذكر أو أنثى؟ أعوذ الله إلى هذا الحد - نسأل الله العافية؟!

والله إن هذا الإنسان ليس في قلبه تعظيم لله عز وجل وهو يفرض هذا الفرض، فتجد من يقول: أقم دليلا على أن الله ذكر؟! وتجد من يفرض ويقول: هل الله واحد أو متعدد؟ والله يقول: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ) (الحجر: الآية ٩) فنحن هنا جماعة؟! فإذا أراد الإنسان السلام فليدع هذه الأشياء، فماذا أنت يا ابن ادم بالنسبة للسماء وبالنسبة للأرض وبالنسبة للأشجار؟! لست بشيء فكيف تتكلم في خالق السموات والأرض بأشياء ما تكلم بها عن نفسه، ولا تحدث بها رسوله عليه الصلاة والسلام، ولا قالها من هم احرص منك على الخير وأشد منك تعظيما لله؛ وهم الصحابة رضي الله عنهم.

ولما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((إن الله ينزل إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له.. إلى آخره) (١) لم يفكر الصحابة رضي الله عنهم كيف ينزل الله تعالى وكيف يصعد، بل فكروا كيف يستغلون هذا الوقت بالاستغفار والدعاء والسؤال، وهذا هو الذي أراده الرسول صلى الله عليه وسلم منهم، فالرسول صلى الله عليه وسلم ما أراد منهم أن يفكروا كيف نزل ومتى يصعد وكيف


(١) رواه البخاري، كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، رقم (١١٤٥) ، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل والإجابة فيه، رقم (٨٥٧) .