للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فطرة سليمة.

فأول ما يولد الإنسان يولد على الفطرة، ولو ترك ونفسه في أرض برية ما عبد غير الله، ولو عاش في بيئة مسلمة ما عبد غير الله، وحينئذ تكون عبادته لله، وإذا عاش في بيئة مسلمة يكون المقوم لها شيئين هما الفطرة والبيئة، لكن إذا عاش في بيئة كافرة فإنه حينئذ يحدث عليه هذا المانع لفطرته من الاستقامة، لقول النبي عليه الصلاة والسلام: ((فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه) (١) .

إذا معرفة الله عز وجل لا تحتاج إلى نظر في الأصل، ولهذا نجد عوام المسلمين الآن ما فكروا ونظروا وقرءوا في الآيات الكونية والآيات الشرعية حتى عرفوا الله، بل عرفوه بمقتضى الفطرة، ولا شك أن للبيئة تأثيرا لكنهم ما نظروا، بل إن بعض الناس - نسأل الله العافية - إذا نظر وأمعن ودقق وتعمق وتنطع ربما يهلك، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: ((هلك المتنطعون، هلك المتنطعون، هلك المتنطعون) (٢) .

فالصحيح إذاً ما قاله المؤلف رحمه الله أن أول واجب معرفة الله، وأما النظر فلا نقول أنه واجب، لكن لو فرض أن الإنسان احتاج إلى النظر فحينئذ يجب عليه النظر، مثل لو كان إيمانه فيه شيء من الضعف ويحتاج إلى تقوية فحينئذ لابد أن ينظر، ولهذا قال الله تعالى: (أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ) (الأعراف: الآية ١٨٥) ، وقال (أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ)


(١) تقدم تخريجه، ص ٢٢
(٢) رواه مسلم، كتاب العلم، باب هلك المتنطعون، رقم (٢٦٧٠) .