يدي الله ورسوله، ولو أثبت ما لم يثبته فقد تقدمت بين يدي الله ورسوله.
فالحاصل أن الصفات الخبرية هي التي مسماها أبعاض وأجزاء لنا، لكن بالنسبة لله فلا نقول انه بعض أو جزء؛ لأن إثبات البعضية أو الجزئية أو نفي البعضية أو الجزئية بالنسبة لله، من الألفاظ المبتدعة التي يجب على الإنسان أن يتحاشاها، فلم يتعبدنا الله لا في كتابه ولا على لسان رسوله بان نثبت البعضية أو ننفي البعضية ونحن نؤمن بان اليد غير الذات؛ يد الله غير ذاته؛ ووجه الله غير ذاته، فهو شيء آخر زائد عن الذات، وقد يعبر الله تعالى عن نفسه بوجهه، كما قال الله تعالى:(وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ والإكرام)(الرحمن: ٢٧) ، ونحن لا ننكر الوجه ولا ننكر أن يعبر به عن النفس.
وهذه مع أنها صفات خبرية، فهي في نفس الوقت صفات قديمة؛ لأن الله تعالى لم يزل ولا يزال متصفا بها، وصفات الله الذاتية والخبرية كلها قديمة، إما صفاته الفعلية فهي قديمة الجنس، حادثة النوع والآحاد، لذلك فإطلاق الوصف على صفات الله بأنها قديمة ليس بصحيح.
وقول المؤلف رحمه الله:(كذاته) أي ذات الله تعالى.
فأصل الذات كلمة مولدة بالمعنى المراد بها؛ لأن المراد بها عند القائلين - كلمة ذات وصفات - أرادوا بها: النفس، فذات الإنسان يعني نفس الإنسان، فالله سبحانه وتعالى لم يعبر عن نفسه بالذات، إنما عبر عن نفسه بالنفس فقال:(وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ)(آل عمران: الآية ٢٨) وقال عز وجل عن عيسى عليه الصلاة والسلام: (تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ)(المائدة: الآية ١١٦) وأصل الذات في اللغة العربية بمعنى صاحبة، فيقال مثلا: ذات علم، ذات