للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

ذكر أنه استوى على العرش حين خلق السموات والأرض، ولم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا نزل خلا منه العرش، فالواجب بقاء ما كان على ما كان، فهو سبحانه استوى على العرش، ولم يزل مستوياً عليه، وينزل إلى السماء الدنيا في هذا الوقت، والله على كل شيء قدير، وهو سبحانه لا يقاس بخلقه.

كما إننا نقول جزماً: إنه إذا نزل إلى السماء الدنيا لم يكن نازلاً على المخلوقات، بل هو فوق كل شيء، وإن كان نازلاً إلى السماء الدنيا؛ لأن الله لا يقاس بخلقه، والى هذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إلى أن العرش لا يخلو منه (١) . ولكني أميل إلى ترجيح القول الثاني وهو التوقف وألا يورد هذا السؤال أصلا، وإذا كان الإمام مالك رحمه الله لما قال له القائل: الرحمن على العرش استوى، كيف استوى؟ قال: السؤال عن هذا بدعة، فإننا نقول في هذا: السؤال عنه بدعة.

المبحث الرابع: استشكل كثيرٌ من الناس في عصرنا: كيف ينزل الله إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، ونحن نعلم أن ثلث الليل الآخر لا يزال سارياً جارياً على الأرض وتحت السماء، فيلزم من ذلك أن يكون النزول إلى السماء الدنيا دائماً؟

والجواب على هذا أن نقول: ليس هناك إشكال في نزول الله تعالى في الثلث الأخير رغم استمرار تتابعه على الأرض، ونحن نؤمن بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((ينزل حتى يطلع الفجر)) (٢) ، فإذا كان كذلك فالواجب علينا ألا نتجاوزه، فما دام ثلث الليل الآخر باقياً في منطقة من المناطق الأرضية


(١) انظر شرح حديث النزول ص (٢٣٢)
(٢) تقدم تخريجه ص ١٤٠.