ومثل ذلك أيضاً: إذا أنقذ إنسان شخصا من الغرق، وكان عليه عتق رقبة كفارة عن قتل أو ظهار أو جماع في رمضان، فأفتاه جاهل بان إنقاذ صاحبه من الغرق عتق رقبة، فهذا الاجتهاد غير مقبول لأنه عن جهل.
ومثال آخر: إذا قام الإمام إلى خامسة فنبهه المصلون بقولهم: (سبحان الله) فأبى وأصر على أن يكمل الخامسة، فلما سلم التفت إلى الجماعة ينكر عليهم تصرفهم وجهلهم، مدعيا أن الفقهاء قالوا: إذا شرع الإمام في القراءة حرم الرجوع، فكيف يلحون عليه أن يرجع وقد شرع في القراءة؟! ، والحقيقة انه هو الجاهل لأن الفقهاء رحمهم الله يقولون: إذا شرع في القراءة حرم الرجوع فيما إذا ترك التشهد الأول، أما إذا قام إلى زائدة فيرجع ولو كان قد ركع.
والمهم في ذلك أن مثل هذا المجتهد لا يعتبر اجتهاده مطلقا ولا يقبل، لكن المجتهد الذي فيه أهلية الاجتهاد، وعنده علم وبصر في كلام أهل العلم فالمؤلف يقول رحمه الله:
وكل ما يطلب فيه الجزم فمنع تقليد بذاك حتم
يعني يجب أن يجتهد الإنسان فيما يطلب فيه الجزم، وعلى ذلك فكل شيء يطلب فيه الجزم فلا تقلد فيه، بل يجب أن تعرف الحكم من الكتاب والسنة.
وعلى هذا فالعوام الذين يؤمنون بالله ورسوله واليوم الآخر ولا يعرفون الدليل لكن لما سمعوا العلماء يقولون بهذا آمنوا به، فعلى كلام المؤلف يكون إيمانهم ليس بصحيح، لأن الذي يطلب فيه الجزم لابد أن يكون عن اجتهاد،