((ينزل ربنا إلى السماء الدنيا)(١) فهذا ليس عند الإنسان شك في انه نزول حقيقي، وكما في قوله:(الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى)(طه: ٥) فلا يشك إنسان انه استواء حقيقي.
والحاصل أن مسائل العقيدة ليست كلها مما لابد فيه من اليقين؛ لأن اليقين أو الظن حسب تجاذب الأدلة، وتجاذب الأدلة حسب فهم الإنسان وعلمه. فقد يكون الدليلان متجاذبين عند شخص، ولكن عند شخص آخر ليس بينهما تجاذب إطلاقا، لأنه قد اتضح عنده أن هذا له وجه وهذا له وجه، فمثل هذا الأخير ليس عنده إشكال في المسالة بل عنده يقين، وأما الأول فيكون عنده إشكال وإذا رجح أحد الطرفين فإنما يرجحه بغلبة الظن.
ولهذا لا يمكن أن نقول إن جميع مسائل العقيدة مما يتعين فيه الجزم ومما لا خلاف فيه؛ لأن الواقع خلاف ذلك، ففي مسائل العقيدة ما فيه خلاف، وفي مسائل العقيدة ما لا يستطيع الإنسان أن يجزم به، لكن يترجح عنده.
إذا هذه الكلمة التي نسمعها بان مسائل العقيدة لا خلاف فيها، ليس على إطلاقها؛ لأن الواقع يخالف ذلك.
كذلك مسألة العقيدة بحسب اعتقا الإنسان، فليس كل مسائل العقيدة مما يجزم فيه الإنسان جزما لا احتمال فيه، فهناك بعض المسائل - أحاديث أو آيات - قد يشك الإنسان فيها، كقوله تعالى:(يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ)(القلم: الآية ٤٢) هذه من مسائل العقيدة، وقد اختلف فيها السلف؛ هل المراد ساقه عز وجل أو المراد الشدة؟ وعلى هذا فقس.