الإنسان يفعل ما يشاء؛ يروح ويغدو، ويجلس ويقوم، ولا يشعر أن أحداً يجبره، والجزاء على عمله مطابق تماماً، وهم من هذه الناحية أقرب من الجبرية لكن الجبرية من ناحية تقدير الله أقرب من هؤلاء.
أما أهل السنة والحمد لله فقد اخذوا بهذا وهذا، وقالوا: هي تضاف إلى الله خلقاً وتقديراً، وإلينا مباشرة وكسباً.
ثم قال المؤلف رحمه الله:(وكل ما يفعله العباد) في بعض النسخ جاءت (كل) متصلة بـ (ما) ، هكذا:(كلما) ، وهذا غلط، لأن (كلما) أداة شرط تفيد التكرار، وأما (كل ما) فـ (كل) مضافة إلى اسم موصول، فالصواب ألا تكتب متصلة، وان تكتب (كل) وحدها و (ما) وحدها، والتقدير: وكل الذي يفعله العباد.
يقول المؤلف رحمه الله:
وكل ما يفعله العباد من طاعة أو ضدها مراد
لربنا من غير ما اضطرا ... منه لنا فافهم ولا تمار
ومعنى ذلك أن كل: ما يفعله العباد من الطاعة وضدها فهو مراد لله، أي واقع بإرادته الكونية، ثم إن كان طاعة فهو واقع بإرادته الكونية والشرعية، وإن كان غير طاعة فهو واقع بالإرادة الكونية دون الشرعية، فكل ما يفعله العباد فهو مراد لله، ودليل ذلك السمع والعقل.
أما السمع: فمنه قوله تعالى: (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ)(البقرة: الآية ٢٥٣) ، فدل هذا على أن قتالهم كان