للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فإن قال قائل: هل المعاصي واقعة بقضاء الله عز وجل أو لا؟ وكيف ترضون بقضاء الله لها؟

فالجواب: بلى، هي واقعة بقضاء الله، ونحن نرضى بقضاء الله وإن كرهنا المقضي، وهذه المعصية لا نرضاها ونكرهها ونؤدب عليها، ولكن نرضى بكون الله قضاها، ولا نعترض على الله عز وجل في قضائها، فإذا رأينا مثلاً العصاة والفساق وأهل المجون فيجب علينا أن نرضى بما وقع منهم باعتباره من قضاء الله، لكن لا يجوز أن نرضى بما صدر منهم باعتباره من فعلهم؛ فنسخط فعلهم ونرضى فعل الله الذي هو قضاؤه، وبهذا التفصيل يزول عنا إشكالات كثيرة.

فإذا قال قائل: يوجد في الخلق شر مثل إبليس، فهو أصل الشر. فهل يجب علينا أن نرضى بإيجاد إبليس؟

فالجواب: نعم يجب أن نرضى بدون تفصل، لكننا لا نرضى بما يأمر به إبليس؛ لأن إبليس يأمر بالشر والفحشاء والمنكر؛ (وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَر) (النور: الآية ٢١) إذاً نرضى بأن الله خلقه، ولا نشك في أن الله خلقه لحكمة، ولكن لا نرضى بما يكون من فعل إبليس، من الشر والفساد.. إلى آخره.

قال رحمه الله: (ولكن بالقضا لأنه من فعله) . (لأنه) أي القضاء (من فعله) أي من فعل الله، ولهذا قال: (من فعله تعالى) .

قوله: (وذاك) أي المقضي (من فعل الذي تقالى) أي الذي تباعد وفعل ما يبغض عليه، وهذا التعليل الذي ذكره المؤلف ينطبق على المعاصي تماماً،