للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

معصيته، وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة، وهو المذهب الحق كما سنذكر إن شاء الله.

وقالت الخوارج: إنه ليس بمؤمن بل هو كافر، فإذا زنا فقد كفر، وإذا سرق فقد كفر، وإذا قتل نفساً بغير حق فقد كفر، وإذا عق والديه فقد كفر، وإذا قطع أرحامه فقد كفر، وهكذا إذا فعل أي كبيرة صار كافراً خارجاً عن الإيمان، فإذا كان كافراً خارجاً عن الإيمان، فإنه إذا مات لا يُغسل ولا يُكفن ولا يُصلى عليه، ولا يدفعن في مقابر المسلمين، وحكمه في الآخرة أنه يخلد في النار.

ووافقتهم المعتزلة على التخليد في النار، لكن خالفتهم في الحكم في الدنيا؛ فقالوا - أي المعتزلة -: إن فاعل الكبيرة مخلد في النار، لكنه في الدنيا في منزلة بين منزلتين؛ لا نصفه لا بالإيمان ولا بالكفر، فلا نقول: مؤمن - ولو بقيد النقص -، ولا نقول: كافر - ولو بقيد أصل الإيمان -؛ بل نقول: في منزلة بين منزلتين، وإذا مات فإنه يعامل معاملة المسلمين؛ لأنه لم يدخل في الكفر، إلا أنه يخلد في النار.

إذاً توافق الخوارج والمعتزلة في شيء وتخالفوا في شيء؛ توافقوا في أحكام الآخرة؛ فجعلوا فاعل الكبيرة خالداً في النار، واختلفوا في أحكام الدنيا؛ فحكمت الخوارج بأنه كافر، وحكمت المعتزلة بأنه ليس بمؤمن ولا كافر - بل في منزلة بين المنزلتين.

فعلى رأي الخوارج إذا رأينا فاعل كبيرة فلنا قتله؛ لأنه مرتد مباح الدم، وعلى رأي المعتزلة لا نقتله لأنه ليس بكافر، ولا نكرمه إكرام المؤمن لأنه ليس بمؤمن.