أي لا يخرج المرء من الإيمان بفعل الموبقات، والموبقات: هي المهلكات، وهذا رد على الخوارج والمعتزلة؛ لأن الخوارج والمعتزلة يقولون: إنه يخرج من الإيمان، لكن الفرق بينهما أن الخوارج قالوا: إذا خرج من الإيمان دخل في الكفر، وليس هناك واسطة، والمعتزلة قالوا: إذا خرج من الإيمان فهو في منزلة بين منزلتين، كرجل سار من المدينة يريد مكة فنزل في بدر، فصار في منزلة بين المنزلتين؛ ليس من أهل المدينة ولا من أهل مكة، لكن الخوارج أقرب إلى الصواب منهم حيث قالوا: ليس هناك واسطة، كما قال الله تعالى:(فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ)(يونس: الآية ٣٢) وقال: (لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ)(التوبة: الآية ٦٦) ولم يذكر منزلة، فالمنزلة هذه بدعة مردودة على صاحبها.
قال رحمه الله:
وواجب عليه أن يتوبا ... من كل ما جر عليه حوبا
(وواجب عليه) أي على المرء المذنب (أن يتوبا) والألف هنا للإطلاق، أي لإطلاق الروي، والروي آخر البيت، ولولا ذلك لقال:(أن يتوب) لأن المتحرك الأخير يوقف عليه بالسكون، (من كل ما جر عليه) أي على الفاعل، (حوباً) أي إثما.
ومعنى كلام المؤلف رحمه الله أن على الإنسان أن يتوب من كل شيء حصل له به الإثم؛ إن كان ترك واجب فبفعله، وإن كان فعل محرم فبتركه؛