في قلوبهم، بدليل قوله:(وَلَمَّا يَدْخُلِ لإيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ)(الحجرات: الآية١٤)) و ((لما)) هذه تدل على قرب الشيء، كما قال تعالى:(بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ)(صّ: الآية٨)) وكون الإيمان قريباً من دخول قلوبهم يدل على انتفاء النفاق عنهم؛ لأن المنافقين نفى الله عنهم الإيمان نهائياً، فقال:(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ)(البقرة: ٨) وهؤلاء لم ينف الله الإيمان عنهم، بل قال:(وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمَانُ فِي قُلُوبِكُم)(الحجرات: الآية١٤)) .
وهذا القول الثاني أقرب من الأول وإن كان الأول محتملاً، إذاً هنا فرق بين الإسلام والإيمان.
وقال الله تعالى:(فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)(الذاريات: ٣٥)(فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ)(الذاريات: ٣٦) هذه الآية استدل بها بعض العلماء ممن يقولوا: إن الإسلام هو الإيمان مطلقاً لأن الله قال: (فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)(الذاريات: ٣٥)(فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِين) والحقيقة أن هذه الآية دليل عليهم وليست دليلاً لهم؛ لأن الله قال:(فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِين) ، والبيت هو بيت لوط، ومن بينهم امرأته، وامرأته ليست مؤمنة ولكنها مسلمة، ولهذا قال الله تعالى:(ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا)(التحريم: الآية١٠)) ، أي أظهرتا الإسلام وهما كافرتان، فامرأة لوط كانت كافرة هلكت مع قومها، فالآية فيها أن البيت مسلم، لكن ليس فيها أن من في البيت مسلمون.
وعلى ذلك فليس في الآية دليل على ما ذهبوا إليه، بل نقول: إن الآية تدل على أن الإيمان غير الإسلام؛ لأن الله اخرج من كان فيها من المؤمنين وبين أنه لم يسلم أحد في هذه القرية بأكملها - ورسولهم بينهم يدعوهم.