للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

وعلى هذا فمن قال: إيماني مخلوق فقد صدق، أما ما آمن به ففيه التفصيل؛ منه ما هو مخلوق، ومنه ما هو غير مخلوق، رسول الله صلى الله عليه وسلم مخلوق وأنا مؤمن به، والقرآن غير مخلوق وأنا مؤمن به، وكذلك الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر؛ فالملائكة مخلوقون، والكتب غير مخلوقة، والإيمان بالرسل إيمان بمخلوق، واليوم الآخر مخلوق.

فصار المؤمن به منه مخلوق ومنه غير مخلوق، أما مجرد إيمان العبد فإنه مخلوق؛ لأنه حادث، فالعبد لم يكن شيئاً مذكورا، ثم كان وأحدث الإيمان، وعلى هذا فالقول الصحيح أنه يجوز أن يقول الإنسان: إيماني مخلوق؛ لأنني مخلوق.

ومما يؤخذ على المؤلف أيضاً قوله: (وكل قرآن قديم) ، والصحيح أن القرآن حادث؛ يتكلم الله به حين إنزاله، فيتلقاه جبريل فيأتي به النبي صلى الله عليه وسلم، والدليل على هذا أن الله يتحدث عن مسائل مضت بلفض الماضي فيقول عز وجل: (وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ) (آل عمران: الآية١٢١) إذ غدوت، يعني فيما مضى، وهو إشارة إلى غزوة أحد، ويقول جل وعلا: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا) (المجادلة: الآية١)) ، وهذه الآية نزلت بعد أن حصلت الشكوى ولا شك؛ لأنه عبر عنها بلفظ الماضي.

فإن قال قائل: عُبِر عنها بلفظ الماضي لأنه متحقق الوقوع، فهو كقوله: (أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) (النحل: الآية١) ، قلنا: هذا يأباه قوله: (وَاللَّهُ يَسْمَعُ