للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

يقولون: هذا كلام الله، وهم يقولون: هذا عبارة عن كلام الله وليس كلام الله، فصار الجهمية أحسن من الأشاعرة في هذا التعبير، وإن كان كل منهم أخطأ وأبعد عن الصواب.

إذاً كلام المؤلف في هذين البيتين فيه نظر من وجهين:

الأول: قوله: إن إيماننا منه ما ليس بمخلوق، ووجه النظر في ذلك أن إيماننا كله مخلوق؛ لأن إيماننا من صفاتنا، ونحن مخلوقون فصفاتنا مخلوقة، لكن ما نؤمن به هو الذي ينقسم إلى مخلوق وغير مخلوق.

الثاني: قوله بأن القرآن قديم، والصواب انه ليس بقديم (١) فإن الله يتكلم به حين إنزاله؛ لأن الله قال: (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الشعراء: ١٩٢) (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ) (الشعراء: ١٩٣) (عَلَى قَلْبِكَ) ، فظاهر السياق انه من حين يتكلم الله ينزل به جبريل إلى محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا هو الحق وهو المعقول.

وينبغي لنا في العقيدة أن لا نستوحش ولا نتهيب من شيء دل عليه الكتاب والسنة، الوحشة كل الوحشة أن تحرف نصوص الكتاب والسنة من أجل عقيدة تعتقدها وهي خطأ، هذه هي الوحشة، أما شيء دل عليه ظاهر الكتاب والسنة فلابد لك من قوله.

قال المؤلف: (وكل قرآن قديم فابحثوا) البحث: يعني التفتيش، وأصله من بحث الأرض أي حرثها باليد، فكأن المفتش للوصول إلى العلم كمن يحرث الأرض ليستخرج ما كان خابئاً فيها.

والبحث من أهم وسائل العلم، لكن بشرط أن يكون الغرض منه


(١) انظر حاشية ص ٢١٥.