وأما المنافق أو المرتاب، فإنه يقول: هاه هاه، لا أدري سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته، فينادي مناد من السماء: أن كذب عبدي؛ حيث أنه يدري أنه لا إله إلا الله، ويدري أن محمدا رسول الله، ويدري أن الدين عند الله الإسلام، ولكنه عاند وأصر، فيقال: كذب عبدي.
فيفسح للأول في قبره، ويفتح له باب إلى الجنة، ويأتيه عمله الصالح فيجلس عنده يؤنسه، وأما الثاني - والعياذ بالله - فيضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه، أي يدخل بعضها في بعض من شدة الضيق، ويفتح له باب إلى النار فيأتيه من حرها وسمومها، ويأتيه عمله السيئ في أخبث صورة - والعياذ بالله - فيوبخه على ما فرط وأهمل في دين الله عز وجل.
هذه الفتنة يجب علينا أن نؤمن بها، فقد ثبتت هذه الفتنة في الكتاب والسنة، أما في الكتاب فعلى طريق الإشارة في قوله تعالى:(يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ)(إبراهيم: ٢٧) ، وأما في السنة فالأحاديث بذلك مشهور معلومة، فيجب علينا أن نؤمن بها.
وفي هذه المسألة مباحث، منها:
المبحث الأول: متى تكون هذه الفتنة؟ هل هي بخروج الروح أو بتسليم الإنسان إلى عالم الآخرة؟
والجواب الثاني: أما مجرد خروج الروح فلا يحصل به فتنة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أرادوا دفن الميت، يقول: (أسرعوا بالجنازة؛ فإن تكن صالحة فخير